استبدال الجيش بقوات سلفية في حضرموت… خطوة متعمدة لفرض سيطرة خارجية على ممرات استراتيجية

16 سبتمبر 2025آخر تحديث :
استبدال الجيش بقوات سلفية في حضرموت… خطوة متعمدة لفرض سيطرة خارجية على ممرات استراتيجية

الجنوب اليمني: تقرير خاص

أعلنت قوات درع الوطن عن بدء انتشارها على خط الوديعة – العبر في محافظة حضرموت، في خطوة وُصفت رسمياً بأنها جزء من جهود تعزيز الأمن وحماية الطرق الدولية. لكن وراء هذه التصريحات الرسمية، تكمن تطورات جيوسياسية دقيقة تعيد تشكيل الخريطة الأمنية والسياسية في جنوب شرق اليمن.

وأفادت مصادر محلية ومراقبون عسكريون بأن الوحدات التي تم نشرها تُعد من التشكيلات السلفية المدعومة من السعودية، وتختلف جذريًا عن الوحدات التقليدية للجيش الوطني من حيث التأييد والولاء، إذ تُدار بحسب ما يُشاع من خارج المؤسسات الرسمية للدولة، وتخضع مباشرة للإشراف السعودي.

وأوضح مراقبون عسكريون أن هذه الخطوة ليست عازلة، بل جزءًا من استراتيجية متواصلة تهدف إلى إفراغ حضرموت الوادي من أي وجود للجيش الوطني، وإحلال قوات موالية لمصالح خارجية، ما يُضعف دور الدولة ويُقلص من سلطتها المدنية والعسكرية على الأراضي.

ولفتت مصادر أمنية إلى أن هذا النمط تكرر في مناطق مثل سقطرى وعدن وشبوة، حيث تم استبدال الكيانات العسكرية المحلية بتشكيلات تُدار بموازاة المؤسسات الرسمية، ما أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه التحركات.

وأشار خبراء في الشؤون الخليجية إلى أن السيطرة على خطوط الوديعة – العبر لا تقتصر على الحفاظ على أمن الطرق، بل تمتد لاحتواء ممرات استراتيجية تربط اليمن بالخليج والبحر الأحمر، ما يعزز من النفوذ السعودي في المنطقة.

بينما وُصفت هذه الخطوة بـ”الاستباقية” من قبل مسؤولين سعوديين كونها “حفاظًا على الاستقرار الإقليمي”، إلا أن تقارير ميدانية أشارت إلى عدم وجود أي تهديد أمني في المنطقة، ما يعزز الشكوك حول الدوافع الحقيقية وراء التدخل.

وأفادت مصادر محلية أن بعض الجنود من وحدات الجيش الوطني تم نقلهم قسريًا من مواقعهم، فيما تم تجميع آخرين في معسكرات تحضيرية، ما يشير إلى عملية تجريد تدريجي من السيادة العسكرية الوطنية.

وأشارت مصادر إلى أن التشكيلات الجديدة تُدار بحسب أنظمة عسكرية مُعدّة مسبقًا، وتعتمد على تمويل وتدريب مباشر من السعودية، ما يُقلل من قدرة الدولة على التحكم في قراراتها الأمنية.

وفي سياق متصل، لفت مراقبون إلى تناقض ظاهري في الموقف، إذ تُركت مناطق حساسة مثل حدود غزة دون أي تدخل مباشر من السعودية، بينما يُنفق ملايين الدولارات لإطلاق وحدات عسكرية في حضرموت، ما يطرح تساؤلات حول الأولويات الحقيقية.

وأكد خبراء أن هذه الخطوات تُشكل جزءًا من مخطط أوسع يهدف إلى إعادة تشكيل الهوية الجغرافية والسياسية لمنطقة حضرموت، عبر شرعنة وجود قوى خارجية، وفرض هيمنة مدنية وعسكرية تُقلّص من صلاحيات الدولة، وتمهد لسيطرة غير شرعية على ثروات واستراتيجيات حيوية.

وأوضح محللون أن ما يحدث في حضرموت ليس واقعة معزولة، بل جزء من نمط متكرر من التدخلات التي تُستخدم لتقويض مؤسسات الدولة، واستبدالها بكيانات تابعة لمصالح خارجية، ما يُعد انتهاكًا صريحًا لسيادة اليمن، ويُعمّق من الانقسامات الداخلية.

وفي المقابل، تُرفض الجهات المعنية في حضرموت هذه التحركات، وتسجل احتجاجات من قبل مكونات سياسية ومجتمعية، مطالبة بعودة الجيش الوطني، وسحب التشكيلات غير الشرعية من المواقع، واحترام الترتيبات الدستورية.

وأكدت مصادر مدنية أن سكان المنطقة يشعرون بقلق متزايد من تسييس الأمن، وتحويل مناطقهم إلى مسرح للصراعات الإقليمية، ما يهدد بمستقبل استقرار المنطقة، ويُضاعف من معاناة المدنيين.

في ظل هذا التحول المتسارع، تبقى حضرموت نقطة مفصلية في مسار الأزمة اليمنية، حيث تتحول من جزء من الدولة إلى ساحة للحسابات الإقليمية، ما يُطرح سؤالًا جوهريًا: من يُقرر مستقبل اليمن؟ وهل تُبنى الدولة أم تُبنى على هامشها؟

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق