الجنوب اليمني | متابعات
في ظل تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تمكنت القوات المسلحة من استعادة مناطق حيوية في العاصمة الخرطوم، بما في ذلك القصر الجمهوري، في تحول يُعتبر نقطة مفصلية في الصراع الذي دام عامين. إلا أن انتصارات الجيش، رغم أهميتها، لا تعني نهاية الأزمة، بل تفتح باب تحديات جديدة تهدد بتمزق البلاد.
انتصارات الجيش.. تحول في موازين القوة
أفادت تقارير لصحيفة فايننشال تايمز بأن الجيش السوداني حقق تقدماً كبيراً في الأسابيع الأخيرة، مستفيداً من تحالفه مع كتائب إسلامية سابقة وامتلاكه أسلحة ثقيلة، بالإضافة إلى انهيار جزئي في صفوف قوات الدعم السريع. ويُعد استعادة السيطرة على القصر الجمهوري إنجازاً رمزياً يعزز موقف الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، ويمهد الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية قد تحظى باعتراف دولي أوسع.
دارفور.. جبهة أخرى تهدد بانقسام البلاد
لكن المشهد ليس وردياً بالكامل. ففي الوقت الذي يحرز فيه الجيش تقدماً في الخرطوم، تواصل قوات الدعم السريع هيمنتها على إقليم دارفور غرب السودان، حيث سيطرت مؤخراً على مواقع استراتيجية، مما يزيد من مخاطر تقسيم البلاد فعلياً. ويحذر سليمان بلدو، الخبير في حل النزاعات، من أن “العاصمة قد تعود إلى السيطرة، لكن لا يوجد ما يعود إليه النازحون سوى جدران منازل مدمرة”.
مخاوف من انفصال الأقاليم وتدهور الأوضاع
يرى نور الدين بابكر، من حزب المؤتمر السوداني المعارض، أن تركيز الجيش على الخرطوم قد يأتي على حساب المناطق الأخرى، قائلاً: “الجيش لا يهتم بدارفور”. وتشير التقارير إلى أن سيطرة الجيش على العاصمة قد تقلل من حافزه للتفاوض، مما يزيد من خطر انقسام السودان إلى كيانات متصارعة.
جرائم الحرب.. وأسئلة حول المستقبل
لم ينجُ أي من الطرفين من اتهامات بارتكاب انتهاكات، حيث تتهم قوات الدعم السريع بـ”الانتقام من المدنيين” أثناء انسحابها، وفقاً لـ كاميرون هدسون، الخبير في شؤون أفريقيا. وفي الوقت نفسه، يواجه البرهان تحدياً كبيراً في إعادة الخدمات الأساسية إلى العاصمة المنهكة، وإقناع المجتمع الدولي بدعم إعادة الإعمار دون إعادة الإسلاميين المتشددين إلى السلطة، وهو ما ترفضه الحكومات الغربية.
الطريق إلى الأمام.. بين إعادة البناء وخطر التقسيم
رغم الزخم العسكري، يبقى السودان على حافة الهاوية. فإما أن تؤدي انتصارات الجيش إلى وحدة وطنية تحت قيادة توافقية، أو تتحول البلاد إلى ساحة حرب مستمرة بين عاصمة مسيطَر عليها وأقاليم منفصلة. واللحظة الحاسمة ستكون في قدرة البرهان على تحقيق الاستقرار دون إقصاء أي طرف، وإلا فإن شبح التقسيم سيطارد السودان لسنوات قادمة.