انهيار الشرعية.. صراع القوى في مجلس الرئاسة يدفع اليمن نحو الهاوية

17 نوفمبر 2025آخر تحديث :
انهيار الشرعية.. صراع القوى في مجلس الرئاسة يدفع اليمن نحو الهاوية

الجنوب اليمني: وحدة الرصد

تحوّل الخلاف داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني إلى أزمة سياسية مفتوحة بعد تصريحات عضو المجلس فرج البحسني التي كشفت عن تصدّعات عميقة في صلب السلطة التنفيذية، حيث اتهم رئيس المجلس رشاد العليمي بتجميد القرارات المتعلقة بتحسين الوضع الأمني والاستقرار في حضرموت، مشيرًا إلى أن هذا التراخي يُغذي التصعيد المسلح ويشجع على انتشار الأعمال غير القانونية في المحافظة.

وأفادت مصادر مطلعة أن التصريحات التي أطلقها البحسني، وإن كانت مقتصرة على موضوع حضرموت، إلا أنها انعكست كصدى لصراعات أعمق حول توزيع الصلاحيات وحصص القوى العسكرية داخل المجلس، ما أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الكثيرون أن هذه التصريحات تمثل ذروة تراكم الخلافات بين أعضاء المجلس، وانتقدوا تزايد حالة الانفراد بالقرارات وغياب آلية موحدة لاتخاذ القرار.

وأوضح الكاتب والصحفي محمود ياسين أن الوضع في حضرموت لا يخضع لمعادلات سياسية تقليدية، بل يعكس توازنات عسكرية وسياسية مبنية على استمرار التوتر، متسائلاً: “هل يمكن لقوات وأحزمة عسكرية وتكوينات قتالية أن تُوجه ضد أحد؟ هذا الأمر لا يناسب وحدة، ولا انفصال، ولا فيدرالية، ولا حكمًا إقليميًا. إنها تُحافظ على وجود إرادة خارجية، شرطه هو بقاء الصراع مستمرًا.”

وتابع أن هذه الحالة تضمن استمرار التمويلات الخارجية، وتغذّي شبكة من المصالح التي تعيش من الأزمات، مشيرًا إلى أن “الحالة الصراعية وصلت مرحلة جاهزية لحرب الجميع ضد الجميع”، لكنها مُصممة للحفاظ على وجود قوات أجنبية في مناطق تُسمى “مناطق الشرعية”، رغم أن هذه المناطق تضمّ كل القوى العسكرية الداخلية والخارجية باستثناء من يُفترض أن يكون الشرعي.

وأشار إلى أن أي عملية عسكرية في الوقت الراهن لن تهدف إلى استعادة دولة أو ترسيخ جمهورية، بل إلى “توسيع حالة التقسيم والصراع على كامل التراب اليمني”، مضيفًا أن الهدف هو “إعادة المنطقة المركزية – نواة اليمن الصلبة – إلى الوضع الذي يتوافق مع السيناريو الأول: جعلها جزءًا من مشروع التفكيك الشامل”.

في المقابل، أبدى الصحفي سيف الحاضري سخرية من مطالبات التضامن المتبادل بين أعضاء المجلس، ووصف مفهوم “المساواة” بينهم بأنه “مهزلة موزعة”، متسائلًا: “كلهم يحملون قوات، كلهم يصدرون قرارات، فكيف نتحدث عن مساواة في صلاحيات، بينما لا يوجد مرجعية مركزية قادرة على فرض توازن؟”

وأكد الحاضري أن الصراع ليس فقط حول السلطة، بل حول “التحكم في مربعات جغرافية وتقسيم مناطق النفوذ”، مشيرًا إلى أن “الهدف ليس إعادة الدولة، بل استمرار الحرب الأهلية المستدامة، التي تضمن بقاء القادة في وضعية الحاجة، وتحمي مصالح من يعيشون من الدمار”.

من جهته، عبّر الصحفي أحمد ماهر عن قلقه من تداعيات تصريحات البحسني، مبينًا أن “التوسع في التصريحات والأحادية في اتخاذ القرار سيفتح الباب أمام كل عضو في المجلس لفرض إرادته بالقوة”، مضيفًا أن “كل من لديه قوات يمكنه تجاوز أي قرار، ما يُفقد الدولة أي مصداقية كمُؤسسة قانونية”.

وطالب ماهر بضرورة “إعادة دور مجلس النواب لتقويم الوضع”، مشدّدًا على أن “الدولة لا يمكن أن تُدار من خلال قرارات أحادية، خاصةً مع توقف مرتبات الموظفين، وانهيار مرافق الدولة، والانزلاق نحو التفكك السياسي المتسارع”.

وفي ظل هذه التصعيدات، تبرز مخاوف من أن يتحول مجلس القيادة الرئاسي من هيئة قيادية إلى ساحة صراع بين قوى مسلحة، تُمثّل كل منها مصالح مختلفة، ما قد يُعمّق الأزمة اليمنية ويفتح الباب أمام تداعيات إقليمية ودولية جديدة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق