الجنوب اليمني: خاص
تتصاعد التوترات في منطقة القاهرة بعاصمة الجنوب اليمني عدن، على خلفية قرار جديد من مدير مكتب الأوقاف بعدن، محمد الوالي، بتعيين شخصية جديدة كإمام وخطيب في جامع سعد بن معاذ، في خطوة تُعدّ استمرارًا لسلسلة من التجاوزات التي تُشير إلى تحوّل مؤسسات الدولة إلى أدوات تنفيذية لمخططات فكرية وسياسية خارجية.
ووفق رئيس منتدى السلام لوقف الحرب في اليمن، فإن الأزمة بدأت قبل عام حين حاول الوالي فرض خطيب وإمام جديد بالقوة، متجاوزًا رغبة الأهالي واللجان المجتمعية التي كانت تتمسك بقيادة الشيخ محمد علي سعيد الردفاني، والشيخ أثير الخلاقي.
ورغم تدخل السلطة المحلية آنذاك، وتثبيت الوضع القائم، وتكليف اللجان المجتمعية بمتابعة المسجد، مع بقاء وزارة الأوقاف كجهة رقابية، لم يُبتَ بعد ذلك قرار الوالي، بل عاد إلى تدبير الملف من جديد بقرار أحادي، خالف كل الترتيبات السابقة.
وأفادت مصادر محلية، أن الوالي صدر عنده قرار بتولية شخص يُدعى صالح العبادي منصب الإمام والخطيب، دون أي تفويض رسمي من وزارة الأوقاف، التي أوضحت أن أي تغيير في الأئمة والخطباء لا يُنفذ إلا بتكليف رسمي وتماشي مع الإجراءات النظامية.
وأشارت التقارير إلى أن الوضع في منطقة القاهرة أصبح متوترًا بشكل كبير، مع تهديدات متكررة باقتحام المسجد، وسط مخاوف حقيقية من تعرض الشيخين الردفاني والخلاقي للاختطاف أو الاغتيال، خاصة مع تكرار حالات العنف ضد ممثلي الخطاب المعتدل في عدن خلال السنوات الماضية.
وأوضح مصدر مسؤول في المجال الديني، أن مكتب الأوقاف بعدن لم يعد يُعدّ جهة رقابية حيادية، بل تحول إلى أداة تنفيذية لمخطط يهدف إلى تفريغ المساجد من خطابها المعتدل، وفرض نمط فكري واحد يخدم أجندات خارجية، ما جعل من البوابات الدينية ساحات صراع، وتحوّلت إلى مسرح للاختطافات، والاعتقالات، بل والقتل، في محاولات ممنهجة لإقصاء الأصوات المتنوعة والمتمسكة بالوسطية.
وأشارت مصادر إلى أن جامع سعد بن معاذ ليس وحده الضحية، بل يُعدّ فصلًا واحدًا في سلسلة طويلة من التجاوزات التي شهدها مساجد عدن، حيث تم إقصاء عشرات الأئمة والخطباء، وفرض أشخاص محسوبين على مراكز نفوذ، ما يُنذر بتفاقم الانقسامات المجتمعية، وتحويل الدين إلى مادة للانتماءات السياسية، بدل أن يبقى عفويًا، ومحفّزًا للوحدة.
وأكدت لجان مجتمعية في عدن أن عدم التحرك السريع من قبل وزارة الأوقاف، وصمتها عن هذه التصرفات، يُعدّ مُبرّرًا للتسارع في التصعيد، وفتح الباب أمام تكرار التضييق على مساجد أخرى، مما قد يُفضي إلى نشوب فتنة واسعة في المدينة.
وأضافت: “إذا لم تتحرك وزارة الأوقاف فورًا لوقف هذه العبثية، فإن كل ما يُقال عن وحدة عدن وتماسكها الدينية سيكون مجرد وهم، لأن المنابر التي يجب أن تكون بيوتًا لله، أصبحت بيوتًا للصراع والانقسام”.
وأشارت المصادر إلى أن كل ما يُمارَس الآن يُعدّ جزءًا من مشروع شامل يُريد تغيير الهوية الدينية لعَدن، عبر إقصاء الخطاب المعتدل، وفرض تيارات متطرفة تخدم مصالح خارجية، ما يهدد استقرار المدينة، ويُشجّع على تفتيت النسيج الاجتماعي.
وأكدت الجهات المحلية أن أي خطر يطال الشيخين الردفاني والخلاقي سيكون عبئًا على الجهات المختصة، ولا يمكن تحميل المسؤولية إلا لمن صدر القرار، وسمح بتمادي النظام في تجاوزاته.


