الجنوب اليمني: خاص
أثارت قضية القبض على الشاب محمد الحسني، أحد نشطاء منصّات التواصل الاجتماعي، في مطار عدن، جدلاً واسعاً بين المتابعين، بعدما أعلنت مليشيات المجلس الانتقالي عن “إنجاز أمني كبير” بتوقيف ما وصفته بـ”قيادي حوثي خطير”، في خطوة وصفها الكثيرون بالسخيفة، خاصة أن المُوقوف كان يُنشر يومياته في المدينة عبر حساباته على تيك توك، ووثّق مسابقات شعبية وصوراً من شوارع عدن دون أي تحفظات أمنية.
ووفق ما أفادت مصادر محلية، فإن الحسني كان ينتقل بين صنعاء وعدن خلال الأسبوع الماضي، ومر بجميع نقاط التفتيش دون أي تدقيق، فيما كان ينشر مقاطع فيديو توثق لحظاته في المدينة، ويتناول فيها أنشطة اجتماعية وترفيهية.
ورغم هذا التواجد المفتوح، لم يُلاحظ أي اهتمام أمني من قبل الجهات المختصة حتى لحظة توقيفه في مطار عدن، ما أثار سخرية واسعة على منصات التواصل.
وأوضح مصدر أمني مطلع أن عملية التوقيف جاءت بعد “مجرد تقارير استخباراتية”، لم تُذكر تفاصيلها، لكنها أثمرت عن ضبط 3 جوالات، وخازن إلكتروني، ومبلغ مالي قدره 3000 ريال سعودي، بالإضافة إلى مفتاح سيارة، دون العثور على أي أسلحة أو وثائق تثبت تورطه في أي نشاط مسلح.
وأشارت المصادر إلى أن الحسني لم يكن يحمل أي تفويض أمني، ولا يُنتمي إلى أي جهة مسلحة، بل كان يعيش في عدن كمقيّم عادي، يُسجّل محتواه بأسلوب ساخر وواقعي، يعكس واقع الحياة في المدينة، وسط تدهور الخدمات وتوقف الكهرباء لساعات طويلة.
وأفادت مصادر مطلعة أن ما يُسمّى بـ”الإنجاز الأمني” لم يُخفف من وطأة الأزمات التي تعاني منها عدن، حيث تستمر أزمة الكهرباء والوقود في تفاقمها، فيما تترنّح الخدمات العامة تحت وطأة الإهمال والاستنزاف.
وأكدت تقارير محلية أن المطار، الذي وُصف بأنه “نقطة تحول أمني”، لا يزال يفتقر إلى إجراءات تفتيش فعّالة، ما يسمح بمرور ملايين الأشخاص أسبوعياً دون رقابة حقيقية، مما يُثير تساؤلات حول جدية الادعاءات الأمنية.
وأبدى مواطنون استغرابهم من التوجيهات الأمنية التي تُخصص للقبض على مُدوّنين يُنشرون مقاطع مسائية على منصات التواصل، بينما تُهمل قضايا التمرد المسلح وتسلّل المخدرات والعمليات الانتحارية.
وفي حين تُصرّ المليشيات على أن الحدث يُعدّ “معركة ضد التهديدات الداخلية”، تُشير ملاحظات من شهود عيان إلى أن الحسني كان يُوثّق فقط تفاصيل الحياة اليومية في عدن، وسط فوضى ممتدة، ويُظهر المدى الذي وصلت إليه الأجهزة الأمنية من فقدان الاتزان في أولوياتها.
وتأتي هذه الحادثة كذريعة لتأجيج التوترات السياسية في عدن، في وقت يعاني فيه السكان من تدهور معيشة متصاعد، وتفاقم أزمة الطاقة، بينما تُهمل الملفات الحيوية التي تمسّ حياة الناس اليومية.


