الجنوب اليمني:
أظهرت دراسة حديثة صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية (ASAM)، في أكتوبر 2025، تنامي حملات إعلامية وسياسية منظمة تستهدف قيادات السلطة المحلية والعسكرية في محافظة تعز، ضمن ما وصفته بـ”حرب ناعمة” تهدف إلى زعزعة الجبهة الداخلية وإعادة تشكيل التحالفات الميدانية والسياسية في اليمن، بدعم من جهات إقليمية.
ووفقاً للدراسة المعنونة بـ”حملة التشويه ضد محافظة تعز”، فإن هذه الحملات اتخذت طابعاً ممنهجاً، مستهدفة شخصيات بارزة من بينها محافظ المحافظة، ومدير الأمن، وقائد المحور العسكري ومستشاره، إلى جانب قائد المقاومة الشعبية، عبر اتهامات متكررة تتعلق بالفساد، والتقصير الأمني، والانتماء السياسي.
وتبيّن من تحليل المحتوى أن الخطاب المستخدم في هذه الحملات يتسم بلغة هجومية مشحونة بالعاطفة، حيث بلغت نسبة التعبيرات السلبية نحو 82% من إجمالي المنشورات، مقابل 18% فقط إيجابية أو محايدة. كما تكررت مفردات مثل “فساد” و”فوضى” في أكثر من 70% من المواد المنشورة، إلى جانب استخدام وسوم مثل #تعز_تستحق_الأمن و #تعز_تطالب_بالأمن لتوجيه الرأي العام ضد القيادات المحلية.
وأشارت الدراسة إلى أن منصات إعلامية وناشطين مرتبطين بجهات ممولة من الإمارات، وموالية لطارق صالح والمجلس الانتقالي الجنوبي، يقفون خلف هذه الحملات، مؤكدة أن ما يُنشر لا يعكس حالة غضب شعبي تلقائي، بل يعبر عن توجه سياسي منظم يهدف إلى إرباك المشهد في المدينة وإضعاف رموزها.
كما نبهت الدراسة إلى أن التركيز الإعلامي المفرط على تعز، مقابل تجاهل انتهاكات جماعات مسلحة أخرى، يعكس انحيازاً سياسياً يخدم أجندات محددة. وأوردت إحصائيات صادرة عن مركز معلومات حقوق الإنسان والتدريب (HRITC) تفيد بوقوع أكثر من 24,970 انتهاكاً منذ مارس 2015، لم تحظَ إلا بتغطية محدودة ضمن هذه الحملات.
وحذّرت الدراسة من أن استمرار هذا النوع من الخطاب يسهم في تفكيك الجبهة الوطنية داخل تعز، ويضعف الروح المعنوية للمقاومة الشعبية، بما يهيئ الأرضية لمشاريع السيطرة الجديدة في الساحل الغربي والجنوب.
وشددت الدراسة على أن توظيف الإعلام كسلاح هجين في الصراع اليمني بات يشكل تهديداً يفوق في خطورته المعارك العسكرية، داعية إلى تبني استراتيجية إعلامية وطنية مضادة تعزز التماسك الداخلي وتحافظ على رمزية تعز كعاصمة للمقاومة والجمهورية.