الجنوب اليمني:
لغة التغنِّي والمديح في حضرموت أحد الأساليب التي لا تغيب عن خطابات وتصريحات الرؤساء والمسؤولين في زياراتهم إلى المحافظة، ولعل الزيارة الثانية لرشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي، تعيد التذكير بذلك.
“قاطرة السلام والتنمية وبلدة النظام والقانون”، يقول العليمي فور وصوله مطار الريان، لكنه ربما لا يعرف أن قاطرة السلام والتنمية تعيش أسوأ حالا لها في تاريخها الحديث من تدهور للخدمات، وفي مقدمتها الكهرباء، وتوقف وتعثر للعملية التعليمية.
ذهب العليمي إلى الإعلان عن مفاجئات غامضة ستكون جاهزة بداية العام القادم، قال إنها “ستحدِث نقلة نوعية في حضرموت”.
نعم يا سيادة الرئيس، قد نقلت حضرموت نقلة لم تعرفها من قِبل، حتى إن وعود زيارتك السابقة، قبل عام، حدث العكس منها تماما، فواقع الحال الكارثي يتحدث.
هل تعلم أن الكثير يخاف أن يتخلى أبناء حضرموت عن النظام والقانون؛ لأن قيادة البلد والسلطة لا تلتزم بالنظام والقانون، ولا تخجل.
لن تجد مواطنا يصدق أنكم غير قادرين على تنفيذ حلول لمشكلاته؛ بسبب سوء الإدارة والتخبط والفساد، هل يعقل أن موطنين يشاهدون شعلة إنتاج النفط ولا يجدون خدمة كهرباء ينعمون بها في نومة هانئة وسط درجة حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية؟!!
دعنا نتأكد أن هناك فسادا، ونسأل: كم قيمة شحنة نفط واحدة من حقول حضرموت، إذا كانت الحقول النفطية في المحافظة تنتج حاليا 50 ألف برميل باليوم؟
هل لمواطني المحافظة الانبعاثات الضارة والسرطانات فقط، وعائدات هذه المورد لا يجد الناس لها أثرا بعد أكثر من عقدين من بدء الإنتاج، أم أنها تذهب اليوم إلى كشوفات “الإعاشة” لمسؤولين يقيمون في الخارج؟!
لقد فشلتم في تنفيذ مشروع بسيط (محطة غازية للمكلا بقوة 100 ميجاوات)، رغم أن ذلك لن يفي باحتياج المدينة، ورغم مرور سنوات على الوعود الرئاسية المتكررة في ملف الكهرباء وغيره.
حتى السلطات المحلية، التي تفصّل على مقاسكم، تمارس الهوية ذاتها في غياب الشفافية وإطلاق الوعود الزائفة، التي لا يلمس الناس منها شيئا.
هل ستخجلون ولو قليلا لتثبوا ولو لمرة واحدة، وتترجموا وعودكم الرنانة على أرض الواقع؟
هل سنجد سلطة محلية تمثل كل أطياف المجتمع تلتزم الشفافية، وترتّب أولوياتها بعيدا عن الشطحات؟
أما المكوِّنات في حضرموت فيجب أن تُثبت مصداقية شعاراتها، وتقف وقفة لإعادة الاعتبار لحضرموت، وليس لقياداتها، ومخصصاتهم ومناصبهم.
حضرموت النظام والقانون لم تجد بعد قيادة وسلطة بمقامها ومكانتها وأهميتها، فهل حان الوقت ليقول أبناؤها: إلى هنا وكفى؟
فاللحظة مناسبة لإنهاء عقود التهميش والتجاهل.