الجنوب اليمني: خاص
أكدت دراسة تحليلية صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية أن الأمم المتحدة لا تزال تعتبر وحدة اليمن مبدأً راسخًا في تعاملها مع الملف اليمني، رغم ما شهدته البلاد من تحولات سياسية وعسكرية متسارعة خلال العقود الثلاثة الماضية.
الدراسة، التي حملت عنوان “موقف الأمم المتحدة من الوحدة اليمنية.. ماضياً وحاضراً” وأعدها الباحث صلاح الدين الشرعبي، رصدت مسار الموقف الأممي منذ إعلان الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 وحتى العام 2025، مؤكدة أن المنظمة الدولية ومجلس الأمن التزما بشكل واضح وثابت بدعم الدولة اليمنية الموحدة، ورفض أي مشاريع أو خطوات أحادية تمسّ سلامة أراضي البلاد.
أوضحت الدراسة أن الأمم المتحدة رحبت فور إعلان الوحدة عام 1990 باندماج الشطرين الشمالي والجنوبي في دولة واحدة، واعتبرت ذلك “خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي”.
وفي “حرب صيف 1994″، رفض مجلس الأمن إعلان الانفصال الصادر عن قيادة الجنوب آنذاك، وأصدر القرارين “(924) و(931) اللذين شددا على أن الأزمة شأن داخلي يمني، وأن أي اعتراف بدولة منفصلة يُعد خرقًا لميثاق الأمم المتحدة.
وبحسب الدراسة، ساهم هذا الموقف الأممي الحازم في “ترسيخ شرعية الوحدة اليمنية دوليًا”، وإغلاق الباب أمام أي محاولات لتقويضها في تلك المرحلة.
ورصدت الدراسة سلسلة من قرارات مجلس الأمن التي “أعادت التأكيد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه من أبرزها القرارات (2014) و(2051) و(2140) و(2216)، والتي شددت جميعها على ضرورة “الالتزام بالمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والمرجعيات الثلاث كأساس لأي تسوية سياسية”.
كما أشارت إلى أن “الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “جدّد في مايو 2025” تهنئته لليمن بمناسبة اليوم الوطني للوحدة، فيما أكد “مجلس الأمن الدولي” في بيانه الأخير التزام أعضائه “الراسخ بوحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه”، معتبرًا ذلك موقفًا ثابتًا لا يزال يحظى بإجماع دولي.
وأوضحت الدراسة أن “المجلس الانتقالي الجنوبي” لم يحصل حتى اليوم على “أي اعتراف رسمي من الأمم المتحدة”، لا كسلطة أمر واقع ولا كممثل للجنوب، رغم محاولاته المتكررة منذ تأسيسه عام 2017 لاستمالة الموقف الأممي عبر اللقاءات الدولية أو إعلان “الإدارة الذاتية” عام 2020، أو من خلال “اللقاء التشاوري الجنوبي” عام 2023.
وأضافت أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن “رفضتا جميع الخطوات التي تهدف إلى تقويض وحدة اليمن”، مؤكدتين أن أي حوار سياسي يجب أن يتم “تحت مظلة المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن”، دون تجاوز المؤسسات الشرعية المعترف بها دوليًا.
كما لفتت الدراسة إلى أن “مشاركة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي” في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب “رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي”، جاءت “بصفته الرسمية كعضو في مجلس القيادة”، وليس ممثلًا للانتقالي، في دلالة جديدة على **تمسك الأمم المتحدة برؤيتها الرافضة للاعتراف بالانتقالي ككيان مستقل”.
وخلصت الدراسة إلى أن “الموقف الأممي الثابت من وحدة اليمن يشكل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية اليمنية”، مؤكدة أن هذا الدعم الدولي “يمثل رصيدًا دبلوماسيًا يمكن للحكومة استثماره” في مواجهة المساعي الانفصالية داخليًا وخارجيًا.
وحذّرت في الوقت ذاته من أن “استمرار الانقسام الداخلي وضعف الأداء الدبلوماسي قد يؤدي إلى تآكل هذا الدعم الدولي”، خصوصًا في ظل تصاعد “التوجهات الإقليمية الداعمة لمشاريع التفتيت”.
ودعت الدراسة “مجلس القيادة الرئاسي” إلى تبني “خطاب سياسي موحد يعزز الوحدة كخيار استراتيجي”، والعمل على “تحقيق الاستقرار في المحافظات الجنوبية” باعتبارها جزءًا أصيلًا من القضية الوطنية اليمنية.