الجنوب اليمني: القدس العربي
فاز الأردني الأمريكي من أصل فلسطيني عمر مونّس ياغي والياباني سوسومو كيتاغاوا والبريطاني المولد ريتشارد روبسون بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 لتطويرهم ما يُسمى بالهياكل الفلزية العضوية، على ما أعلنت لجنة نوبل الأربعاء.
فمن هو عمر ياغي.. أبو الكيمياء الشبكية؟
وُلِد عمر ياغي في الأردن عام 1965، وجاء ترتيبه السادس من بين 10 أبناء. نزحت عائلته من فلسطين إلى الأردن عام 1948. عاشت عائلة ياغي في غرفة واحدة، في منزل من دون كهرباء، وكانت المياه تُضَخ إلى المنزل لبضع ساعات فقط كل أسبوع.
عندما كان ياغي في الخامسة عشرة من عمره، أرسله والده لينضم إلى شقيقه الأكبر خالد في الولايات المتحدة، رغم أنه لم يكن يتحدث الإنكليزية إلا قليلا ولم تراوده رغبة في الذهاب إلى هناك. وصل ياغي إلى نيويورك حيث التحق بالكلية، وتفوق.
درس ياغي الماجستير في جامعة إلينوي، وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1990 بإشراف البروفيسور والتر جي. كليمبيرير.
التحق بجامعة هارفر 1990-1992 لمتابعة دراسته ليعمل مع البروفيسور ريتشارد هولم. وانضم إلى هيئة التدريس في جامعة ولاية أريزونا 1992-1998. ثم انتقل إلى جامعة ميتشيغان 1999-2006 وثم إلى جامعة كاليفورنيا لوس أنجلس 2007-2012، وأخيراً إلى جامعة كاليفورنيا بيركلي.
أصبح ياغي أستاذ كرسي جيمس ونيلتجي تريتر للكيمياء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، وعالما منتسبا في مختبر لورانس بيركلي الوطني، والمدير المؤسس لبيركلي، المعهد العالمي للعلوم، وعضوا منتخبا في الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم وكذلك الأكاديمية الوطنية الألمانية للعلوم ليوبولدينا. وهو حاصل على مرتبة رقم 2 في قائمة أشهر وأفضل العلماء والمهندسين في العالم للفترة ما بين 1998 – 2008. مُنح الجنسية السعودية، بموجب أمرٍ ملكيٍّ في 11 نوفمبر 2021. وحصل على جائزة نوابغ العرب عام 2024م.
وخلال عمله، بدأ ياغي في البحث عن طرق جديدة لربط تلك الكرات والعصي الصغيرة (النماذج الجزيئية) لابتكار مواد جديدة لم تُكتشف من قبل. لم يكن يعلم حينذاك أن هذه المواد الجديدة قد تلعب دورًا في حل مشكلة نقص المياه وري عطش الآخرين يومًا ما.
عندما واصل ياغي سعيه متلمسًا طريقه لاختبار قدرة 20 نوعا مختلفا من الأطر العضوية المعدنية على امتصاص الماء، اكتشف أن أحدها الذي يعتمد على عنصر الزركونيوم ويُسمى “إم أو إف-801″، كان يتمتع بأداء ممتاز، ويتمتع بمسامات داخلية بحجم وشكل مثاليين للسماح بدخول الماء وخروجه. عمل ياغي بعد ذلك مع المهندسة إيفلين وانغ في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لتطوير نموذج أولي لجهاز صغير لجمع الماء بحجم كف اليد، يتكون من بلورات “إم أو إف-801” مضغوطة في صفيحة نحاسية مغلفة داخل صندوق بلاستيكي.
ومن أجل تجميع المياه، يُترك الصندوق مفتوحًا طوال الليل، مما يسمح للأطر المعدنية العضوية بامتصاص جزيئات الماء من الهواء إلى مسامها. في الصباح، يُغلَق الصندوق وتبدأ الشمس في تسخين الطبقة المعدنية العضوية والماء الموجود بداخلها. وهو ما يؤدي بدوره إلى تجمع قطرات من الماء وتكثيفها على جدران الصندوق.
في عام 2017، اكتشف فريق ياغي أن هذا الجهاز يمكنه جمع المياه من الهواء الذي تبلغ نسبة رطوبته النسبية 20%، وهي ظروف مشابهة لتلك الموجودة في العديد من الصحاري. لاحقًا، استمر الفريق في تطوير جهاز أكبر قادر على إنتاج ما يعادل 140 مليلترًا من الماء لكل كيلوغرام من الأطر العضوية المعدنية يوميًا في المختبر. كان هذا هو الجهاز الذي رأى فيه ياغي من خلال نظاراته الواقية تلك القطرات المذهلة من الماء وهي تتكثف على جدران الصندوق.
جوائز
حصلت إنجازات ياغي في مجال تصميم وتصنيع المواد الجديدة على تكريم فخري من الجمعية الكيميائية الأمريكية وشركة إكسان Exxon (1998)، وميدالية ساكوني من الجمعية الكيميائية الإيطالية (2004). كما ذكرت مجلة العلوم الشهيرة (بوبيولار ساينس Popular Science) عمله حول تخزين الهيدروجين، وصنفته ضمن ألمع 10 علماء ومهندسين في الولايات المتحدة لعام 2006، وحصل على جائزة برنامج الهيدروجين من وزارة الطاقة الأمريكية لإسهاماته البارزة في مجال تخزين الهيدروجين (2007).
كما حصل على ميدالية جمعية أبحاث المواد لعمله في نظرية وتصميم وتصنيع وتطبيق الهياكل الفلزية العضوية، وتلقى أيضاً جائزة نيوكمب كليفلاند برايس من الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، وذلك عن أفضل ورقة بحثية نُشرت في مجال العلوم (2007). كما حلّ في المرتبة الثانية ضمن قائمة الكيميائيين المستشهد بهم في العالم بين عامي 2000 و2010. وفي عام 2015، حاز على جائزة الملك فيصل العالمية في الكيمياء وجائزة مصطفى في تقنية وعلوم النانو.
وفي عام 2016، حصل ياغي على جائزة أكاديمية TÜBA في العلوم الأساسية والهندسية، وذلك لتأسيسه الكيمياء الشبكية. وفي عام 2017، حاز ياغي على جائزة ميموريال سبايرز من الجمعية الملكية للكيمياء وميدالية امتياز من الدرجة الأولى منحها إياه الملك عبد الله الثاني، بالإضافة إلى ميدالية بيلر في الكيمياء اللاعضوية، وجائزة الكويت في العلوم الأساسية وجائزة ألبرت أينشتاين العالمية للعلوم، والتي يمنحها المجلس الثقافي العالمي. وذلك بالإضافة إلى عدد كبير من الجوائز والأوسمة الأخرى.