الجنوب اليمني: وحدة الرصد
أشعل عيدروس الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، أزمة سياسية متفجرة بعد إصدار سلسلة من القرارات الأحادية التي وصفتها قوى سياسية ونشطاء بانقلاب على الشراكة الوطنية، في خطوة تهدد بتفجير الوضع الأمني في المحافظات الجنوبية وتحويله إلى مواجهات مسلحة قد تستنزف البلاد من جديد.
الخطوة جاءت بعد ساعات فقط من عودة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي إلى عدن، ما فسره مراقبون كرسالة تحدٍ واضحة للسلطات الشرعية، خاصة مع دعوات الزبيدي لأنصاره للاحتشاد في الشوارع الشهر المقبل، في مؤشر على محاولة فرض واقع جديد بالقوة بعيداً عن الإطار القانوني والمواثيق السياسية.
وتثار تساؤلات حادة حول طبيعة هذه التحركات: هل هي تجاوز واضح لصلاحيات رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة، أم محاولة لإعادة ترتيب الأوراق السياسية في الجنوب تحت غطاء شرعي؟ أم أنها بداية لنهاية الشراكة الهشة التي جمعت مكونات الجنوب مع الحكومة الشرعية؟
البرلماني علي عشال حذر من أن القرارات الصادرة عن الزبيدي تمثل “خرقاً خطيراً للإعلان الرئاسي واتفاق الرياض”، مشيراً إلى أنها “ليست مجرد مخالفة إجرائية، بل انتهاك صارخ للدستور والمرجعيات الوطنية”، معتبراً أن السكوت عنها سيحولها إلى “طعنة قاتلة لجسد الشرعية” ويهدد الاعتراف الدولي بالمؤسسات اليمنية.
وأضاف عشال أن المسؤولية تقع على عاتق مجلس النواب كسلطة تشريعية، مطالبةً بإدانة هذه القرارات بشكل قاطع، لأن “القيادة الرئاسية أقسمت أمام البرلمان على احترام الدستور، ونكوصها عن هذا القسم يجعلها مسؤولة أمام الشعب”.
من جانبه، وصف الإعلامي أحمد الزرقة ما يجري بـ”انقلاب صغير برعاية أبوظبي”، مشيراً إلى أن الزبيدي “يستقبل العليمي والعرادة بقرارات جمهورية وتعيينات خارج صلاحياته”، في إشارة إلى تعيين محمد ناصر عبادي رئيساً لهيئة الأراضي والمساحة، بدلاً من سالم العولقي الذي استقال تحت ضغط شعبي واسع.
الصحفي سيف الحاضري تساءل بشكل لاذع: “هل ما زال رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي حراً في قصر المعاشيق يمارس صلاحياته، أم أصبح أسيراً تحت الوصاية؟”، مؤكداً أن ما يحدث “يقترب من إعلان انقلاب مكتمل الأركان، وانتزاع صلاحيات الرئيس بقوة السلاح”.
الناشط أحمد مقرع الحنشي أكد أن قرار الزبيدي بقبول استقالة العولقي وتعيين بديل له “يأخذ انطباعاً جنونياً”، خاصة أن الاستقالة لقت تعاطفاً واسعاً في الجنوب، مشيراً إلى أن الخلاف بين الزبيدي ونائب رئيس المجلس الرئاسي أبو زرعة المحرمي وصل إلى ذروته، حيث يرفض المحرمي صرف أي مستحقات للقوات الجنوبية التابعة للانتقالي إلا بعد إقالة إبراهيم الزبيدي، شقيق عيدروس.
من جهته، رأى محمد صالح بن جلال أن القرارات الأحادية للزبيدي “تعكس افتقاراً واضحاً للرؤية السياسية الثاقبة”، مشيراً إلى أنها “تشكل عائقاً أمام مسارات الإصلاح الإداري” وتزيد من تعقيد التحديات القائمة، خاصة مع غياب أي موائمة وطنية مع قيادات مثل العليمي أو المحرمي أو حتى مع مناطق حضرموت والمهرة وشبوة.
وأضاف بن جلال أن “مسار الزبيدي صار يشكل عرقلة فعلية لمساعي تصحيح مسار الشرعية اليمنية”، داعياً السعودية والإمارات إلى “خطوة جريئة لإعادة صياغة هيكلية المجلس الانتقالي بالتوافق مع مكونات الجنوب”، حتى لا يستمر هذا المسار في “إضعاف الإيمان بالشراكة الوطنية”.