الجنوب اليمني | خاص
ثمانية أمراء حرب متشاكسين يتم جمعهم في مجلس قيادة رئاسي لإدارة اليمن ، والنتيجة الطبيعية لن تكون الا مشكلات متتالية ، حيث سيبقى هذا المجلس مثل حلبة مصارعة سياسية ينتج عنها الازمات لا الحلول.
هذا بالضبط واقع مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته السعودية والإمارات في ابريل 2022م .
فرغم مرار ثلاث سنوات منذ قيام هذا المجلس لكنه يعاني من شلل تام ، وصل الى حد توقف الاجتماعات بسبب خلافات الاعضاء ، ووجود انطباع واسع لدى اغلب قطاعات الشعب تصف المجلس بالفاشل وانه لا يمثل تطلعات اليمنيين ولم ينتج منذ تأسيسه اي تحسنات او انجازات لصالح الوطن والشعب على كل المستويات.
🔵الأحزاب تقترح والرياض ترفض
في ظل هذا الواقع السلبي تقدمت الاحزاب اليمنية بمشروع لإعادة هيكلة مجلس القيادة ، لكن اللجنة السعودية المعنية بالملف اليمني ، برئاسة وزير الدفاع السعودي “خالد بن سلمان”، رفضت رؤية الأحزاب المنضوية تحت الشرعية لإصلاح وإعادة هيكلة المجلس .
ووفقًا لمصادر سياسية ، تضمنت الرؤية التي رفعت قبل نحو شهرين ، مقترحات لإعادة تنظيم المجلس وصياغة لائحة تحدد صلاحياته ومهامه ، في محاولة لمعالجة الانقسامات والصراعات الداخلية التي أدت إلى تعطيل اجتماعاته منذ ما يقارب العام في العاصمة المؤقتة عدن.
وبحسب المصادر ، اعتبرت السعودية أن الوثيقة المكونة من ثلاث صفحات ، لا ترقى إلى مستوى “خارطة طريق”، لافتة إلى أنها لم تحدد موقفًا واضحا من التباينات داخل المجلس ولم تقدم حلولا عملية لتنفيذ أهدافه ، كما أنها تجاهلت مسار العلاقة مع دول التحالف.
وطالب الجانب السعودي ، الأحزاب بإثبات حضورها في الميدان والتواصل المباشر مع الشارع لكسب التأييد الشعبي لرؤيتها ، بدلًا من الاكتفاء بطرح مقترحات على الورق.
وأوضحت المصادر أن الرؤية تضمنت خمسة بنود أساسية شملت: إصلاح مجلس القيادة ، تنفيذ إصلاحات اقتصادية ، المضي في هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية ، إشراك مجلسي النواب والشورى في العملية السياسية ، إضافة إلى مراجعة التمثيل الجنوبي في مؤسسات الدولة.
🔵العليمي يعترف بالفشل والاعضاء يتهمونه بتهميشهم
كما أبدت بعض الأحزاب مرونة بشأن مقترح تدوير منصب رئيس المجلس ، وهو ما قوبل بمعارضة من رئيس المجلس رشاد العليمي ، الذي اعتبر أن ما يقوم به يندرج ضمن صلاحياته الممنوحة في اتفاق نقل السلطة.
وكان العليمي قد ناقش مع قادة الأحزاب في اجتماع سابق تصاعد الخلافات داخل المجلس ، متهمًا غالبية الأعضاء بتعطيل عمله نتيجة بقائهم خارج اليمن وامتناعهم عن ممارسة مهامهم.
وخلال اللقاء نفسه ، كشف عن عمليات تهريب نفط من شبوة إلى حضرموت ، في إشارة إلى تورط قوى مرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات.
ودعا العليمي الأحزاب إلى مراقبة أداء جميع أعضاء مجلس القيادة والمطالبة بمزيد من الشفافية ، مؤكدًا أن استمرار الخلافات يعيق عمل المجلس ويهدد مسار العملية السياسية.
ويرى محللون سياسيون ، أن الرفض السعودي يعكس في جوهره رغبة الرياض في إبقاء زمام المبادرة بيدها ، وتوجيه مسار إصلاح المجلس بما يخدم أولوياتها الإقليمية ، أكثر من كونه مجرد تقييم فني للرؤية المطروحة.
مضيفين ، أن موقف رئيس المجلس رشاد العليمي ، المعارض لمبدأ تدوير منصب الرئيس ، يعكس خشيته من تقليص نفوذه وسط محيط سياسي متناحر ، فالعليمي كشف عن ملفات حساسة مثل تهريب النفط بين شبوة وحضرموت ، في إشارة ضمنية إلى تورط قوى جنوبية مدعومة إماراتيا بهذا الأمر ، وهو ما يسلط الضوء على البعد الإقليمي للأزمة داخل المجلس.
ويظهر المشهد اليمني وكأنه يدور في حلقة مفرغة بحسب مراقبين ، وهو ما يجعل الحديث عن إصلاح المجلس في ظل هذه المعطيات ، أقرب إلى إعادة تدوير الأزمة الراهنة لا صناعة حل جديد.
🔵لماذا ترفض السعودية إعادة هيكلة مجلس القيادة؟!
يعرف المتابعون والشعب اليمني عامة ان مجلس القيادة الرئاسي ، يحاط اليوم بتصدعات داخلية عميقة تهدد كيانه ، وتصاعد حاد في الخلافات داخل المجلس ، وصل إلى حد تقديم مطالبات رسمية بتدوير منصب رئيس المجلس.
يأتي هذا الحراك ، نتيجة ما وصفته المصادر بمحاولات احتكار القرار من قبل رئيس المجلس رشاد العليمي ، وإقصاء بقية الأعضاء عن المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية ، في خطوة تعكس هشاشة التوافقات ، التي أنشئ على أساسها هذا الكيان.
ورغم هذا الحال لا تسمح الرباعية بإعادة هيكلة المجلس وإصلاحه ، ربما لسبب بسيط وهو التوافق السعودي الإماراتي في تقاسم اعضاء المجلس ، وفي حال سمح بهيكلة جديدة لن يتفق الطرفان الخليجيان على صيغة محددة ، وبالتالي فالحفاظ على الواقع ولو كان معتلا هو السبيل.
وربما ان ضعف المجلس هو ممنهج لدى الدولتين (الرياض ، وابوظبي) المستفيدتان من واقع كهذا ، وهو منهج متسق مع كل سياساتهما العابثة والتدميرية والتمزيقية للبلد.