عشر سنوات من الحرب والتدخلات الإقليمية..ماذا بقي من فاعلية وتأثير الأحزاب اليمنية؟ تقرير خاص لـ “الجنوب اليمني”

26 أغسطس 2025آخر تحديث :
عشر سنوات من الحرب والتدخلات الإقليمية..ماذا بقي من فاعلية وتأثير الأحزاب اليمنية؟ تقرير خاص لـ “الجنوب اليمني”

الجنوب اليمني | خاص

احتفل حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن ، بذكرى تأسيسه ال 43 ، وسط فعاليات شهدتها محافظات مأرب ، وتعز ، واستقبل الحزب ، برقيات تهاني من قيادات سياسية وحزبية.

الدكتور “عبدالله العليمي” نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي هنأ قيادة وقواعد المؤتمر الشعبي العام في عموم محافظات الجمهورية اليمنية ، بمناسبة ذكرى تأسيسه الثالثة والاربعين.

وقال الدكتور العليمي في تغريدة له على منصة (x) للتواصل الاجتماعي: “نستحضر في هذه الذكرى دور هذا الحزب الوطني الكبير ، في رفد المسار السياسي ، وتعزيز التجربة الديموقراطية في اليمن ، وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية والعمل السياسي المشترك”.

مضيفًا: “كان وسيضل المؤتمر الشعبي العام ، ركنًا أساسيًا في الحياة السياسية اليمنية ، مساهماً في بناء المؤسسات الوطنية ، وفاعلاً في تعزيز روح الشراكة ، وتعكس مسيرته الممتدة لثلاثة وأربعين عامًا ، إرادة اليمنيين في التوحد تحت راية الجمهورية”.

من جهتها ، أحزاب يمنية اخرى ، بادلت حزب المؤتمر التهنئة بالمناسبة ، وفي نبرة حديثها حنين للحياة السياسية والتنافس والنشاط بعد سنين من الحرب ، حيث غابت الانشطة الحزبية ، وهاجرت الاحزاب مقارها وفاعليتها بفعل عوامل عدة ، اهما الحرب والتدخلات الإقليمية.

 

الحرب اغلقت الحياة السياسية وعطلت فاعلية الأحزاب

 

الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية “ميساء شجاع الدين”، قالت سابقًا ، إن الحرب ادت إلى إغلاق الحياة السياسية ، إذ كانت هناك حياة سياسية وأحزاب، وحراك سياسي واجتماعي وصل إلى ذروته في 2011، لكن قضي بفرض واقع جديد أطاح بالمرجعيات العملية السياسية والمتمثلة بالدستور، وما اتفق عليه اليمنيون في الحوار الوطني.

وبيّنت شجاع الدين ، أن الانقلاب على هذه الحياة السياسية خلق حالة انشقاق داخل المجتمع ، وقضى على كل الحراك السياسي والاجتماعي ، عبر القمع والانقسام الحاصل.

وأكدت: “غياب مشروع الدولة اليمنية ، وهو الغياب القائم حتى في ظل انتقال الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وبالتالي ازدهرت الهويات الصغيرة والعصبيات بشكل غير مسبوق، حتى في إطار المحافظة الواحدة أحياناً”.

 

تعميم الفوضى والعبث منهج التدخلات الإقليمية

 

قال أستاذ علم الاجتماع السياسي “فؤاد الصلاحي”: “إن الدولة في اليمن مُختطفة من جماعات وأحزاب ومليشيات ، وبالتالي ما كان سائداً من مؤسسات الدولة ، تم تجيير وظيفتها لصالح أطراف خاصة. من هنا كان تعميم الفوضى والعبث السياسي ، مع تدخّل الخارج الإقليمي والدولي داعماً لكل هذه الجماعات بطرق مختلفة”.

ولفت الصلاحي إلى أن “غياب الدولة ترتبت عليه اهتزازات أمنية في مختلف المدن ، ومعها دب الصراع ، بل تم نقله من المدن إلى الريف ، ومع مزيد من الأزمات الاقتصادية؛ تعرض النسيج الاجتماعي للتشوه ، ومعه انهارت منظومة القيم الاجتماعية والدينية”.

 

انتهت فاعلية الأحزاب وهي اليوم مجرد تراث

 

من جهته قال السياسي فؤاد الحذيفي لـ “الجنوب اليمني”، الاحزاب اليمنية هي عبارة اليوم عن تراث وذكريات والإحتفاء بذكرى تأسيسها مجرد حنين لماضي لم يعد موجودا.

مضيفا: “كل المتدخلين الإقليميين في اليمن لديهم مشكلات مع الديمقراطية ، ويجرمون التعددية السياسية ويرفضون الاحزاب ، وبالتالي عملوا على تشجيع المكونات الاخرى ما دون الحزبية ، وانشأوا الكتلات المناطقية والميليشاوية والدينية المتطرفة كبديل للتعددية السياسية”.

ويضرب الحذيفي مثالا بالقول: “لك ان ترصد شيخا قبليا او حتى رجل دين لديه مركز سلفي مدعوم من السعودية أو الإمارات او من غيرهما من دول الإقليم ، ستجده اكثر نفوذا وتأثيرا ونشاطا من اكبر الاحزاب اليمنية اليوم”.

 

لاعبون جدد يشكلون المشهد اليمني غير الأحزاب

 

إذا كان الهدف من تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية هو الإسهام في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي للوطن وترسيخ الوحدة الوطنية من خلال الممارسة الديمقراطية ، وذلك طبقاً للأسس المبينة في الدستور باعتبار الأحزاب تنظيمات سياسية وطنية وشعبية وديمقراطية ، تعمل على تنظيم المواطنين وتمثيلهم سياسياً.

لكن الحال اليوم ليس طبيعيا ، فالمشهد السياسي إلى حدٍّ كبير محصلَّة للعبة التوازن بين المصالح المحلِّية والإقليمية ، بل إنَّ المصالح المتقاطعة للجهات الفاعلة الخارجية الرئيسة لعبت دورًا مركزيًّا في رسم وضبط النسق الأعمق لتفاعلات هذا المشهد ، وأثبتت التحوُّلات الجيوسياسية الإقليمية تأثيرها متعدِّد الأوجه على ديناميكيَّات الفاعلين المحلِّيين السياسيين ، وغير السياسيين.

واستمرَّ الخمول الحزبي ظاهرة قائمة ، إذ بدت الأحزاب السياسية محافظة على مكانها في الخلف؛ وفي المقابل ، وبدعم وتأثير واضحين مِن القوى المحلِّية والإقليمية، حافظت الجماعات المسلَّحة على أدوارها في سياق المنازعة على السلطة والتدخُّل في علاقة المواطنين بالسلطة ، وممارسة أنشطة اقتصاد الحرب ، واستمرَّت القبائل في لعب أدوار سياسية متنامية ، وشكَّلت مع الجماعات المسلَّحة جبهة ضغط سياسية

استثمرتها مختلف القوى ما انتهى بتكريس الانقسامات السياسية. كما شاخت بعض الاحزاب ، وشهدت انقسامات ، وبعضها تحول إلى مجرد نخبة بلا امتداد جماهيري ، وقليل منها من لايزال إلى اليوم لديه فاعلية شعبية وامتداد جماهيري ، لكن هناك تحديات كبيرة تقف في الطريق ، اهمها رفض الإقليم لفكرة الحزبية من اساسها .

كما واصلت الجهات الفاعلة غير الحكومية لعب دور متزايد بتحالفاتها المتطوِّرة ، وقدراتها المتزايدة على التأثير ، لا سيَّما في ظلِّ نسيج اجتماعي واقتصادي متدهور. وفي حين تصدَّرت الواجهة في تقديم الإغاثة والدعم الإنمائي ، أخذت تلعب دورًا كوسيط للتواصل بين الأطراف المحلِّية والمجتمع الدولي.

 

مستقبل غامض وتجاذب اقليمي مدمر

 

وفي ظل هذه المعطيات يواجه اليمن مستقبلًا غامضًا بالنظر إلى التحدِّيات السياسية والاقتصادية الكبيرة ، التي تواجهها البلاد ، ولا يظهر في الافق ، ما يشير إلى انفراجه قريبة ، وسط تجاذب اقليمي حاد في اليمن واستنساخ الوكلاء المحليين تغيب فيه مصلحة اليمن وامنه واستقراره.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق