لا يُغطى “الإرهاب” بقناع

18 يوليو 2024آخر تحديث :
عناصر من مكافحة "الإرهاب" تابعة للانتقالي في مدينة عدن
عناصر من مكافحة "الإرهاب" تابعة للانتقالي في مدينة عدن
عادل الحسني
عادل الحسني

الجنوب اليمني: مقالات

‏لم يكن الحديث عن العصابة المقنعة موضوعًا حديثًا، أو حدثًا عابرًا يتصدر المشهد فترة ثم يزول.

هؤلاء المقنعون كانوا اليد الأكثر دموية في عدن، تم استخدامهم لتنفيذ أقذر العمليات، وتسليمهم أبشع المعتقلات لارتكاب ما لا يخطر على عقل بشر.

من صنعهم؟ ومن دعمهم؟ ومن يحميهم؟

تتعدد الأسئلة، والإجابة واحدة، وهي إجابة كل جريمة في جنوب اليمن.

سنة 2017، قالت هيومن رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان، بإنَّ الإمارات قامت بانتهاكات في اليمن عبر دعمها لقوات محلية، واستشهدت بمحافظتي عدن وحضرموت التي استغلت فيهما معارك ضد تنظيمات متطرفة للقيام بعمليات إخفاء واختطاف واسعة، والزج بالمخفيين في معتقلات خارج إطار الدولة.

تلك الفترة كانت مرحلة انطلاق ما يُسمى بـ “مكافحة الإرهاب” التي تغطت بإدارة شلال شائع لأمن عدن، وكانت تتحرك بكل حرية، وتنفذ عملياتها بكل أريحية دون أن يعترض طريقها أحد.

لم تخلُ مديرية في عدن من نُواح بيوتها بفعل وحشية عصابة الإرهاب، أطاعت تلك العصابة أوامر كبرائها، وكانت سلاحًا مأجورًا في يد مأجور آخر.

فتكت وانتهكت وقتلت باسم حرب الإرهاب الذي لم يكن إلا هم، ولا تزال سجونهم مفتوحة حتى اليوم وفي قلبها المئات من معدومي المصير.

بعد تمرد المجلس الانتقالي صيف 2019، ارتكبت عصابة المقنعين جرائم شنيعة، وحين ألَّبت تلك الجرائم الشارع والمنظمات الحقوقية شعر الانتقالي بأنَّها كانت طوقًا على عنقه، وسرعان ما حمَّلها يسران المقطري وعصابته، ليتم إخراج المقطري نحو الإمارات وحل القوة بالكامل.

ولكن بعد أن هدأ الشارع وتناسى المجتمع الحقوقي، أُعيد يسران إلى عدن بحلة متجددة، وأُعيد شريط الجرائم مرة أخرى، لتكون علاقة تلك العصابة مع الانتقالي مطَّردة؛ فكلما زاد نفوذ الانتقالي زادت جرائمها.

قبل ستة أشهر، أُعلِن ضم تلك العصابة رسميًا إلى أجهزة الدولة تحت قيادة شلال، وتم رفدها بعتاد وسلاح من الإمارات، وظنَّ يسران ورفاقه أنَّ لهم الحصانة المطلقة لارتكاب كل ما يحلو لهم.

سجلت هذه السنة فقط عشرات الجرائم في عدن، بين تصفية واختطاف والعثور على جثث بآثار تعذيب، جميع ذلك حمل بصمة العصابة، ولكن لم تلقَ اهتمام من قِبل الجهات العليا.

حتى جاءت قضية عشال، والتي كادت أن تمر كغيرها، ويستمر الإجرام بشكل اعتيادي، غير أنَّ التكاملية التي ظهرت والاصطفاف القبلي والشعبي والإعلامي سبب ضغطًا كبيرًا، وصعَّد القضية إلى مستوى عالٍ جدًا، دفع الانتقالي بالتضحية بالعصابة بقرارات “لا تزال على ورق”.

بعد القرارات، ظهرت نزعة مناطقية غريبة تجاه العصابة، بنسبها إلى محافظات يمنية أخرى، أو بربطها بأطراف أخرى، أو حتى بنفي يمنيتها من الأساس.

حين تم نزع القناع عن العصابة، رأينا من يحاول إيجاد حبكة بوليوودية لفصل جرائمها عن الانتقالي وقياداتها المتورطة، أو بنفي صلة الإمارات عن يسران ورفاقه.

الإرهاب الذي مارسه المقطري تحت عباءة شلال، وتحت العباءة الإماراتية، من الصعب النفاذ منه، ومحاولات التبرؤ من العصابة وأفعالها هي محاولات بائسة، كذلك الاكتفاء ببضع قرارات غير نافذة أضحوكة غير مسلية، ولن تلقى إلا إصرار تكاملي جديد حتى ينال كل المجرمين جزاءهم.

من أصل مئات المتورطين، فإنَّ الرفع بأسماء محدودة جدًا لا يعتبر إلا دليل واضح على نية الاستمرار في النهج الإجرامي، وحتى الأسماء المُدانة لم يحدث لها شيء، ولا تزال العصابة تمارس إجرامها، ولا تزال سجون الموت مفتوحة.

لا تمسكوا بالأوراق الصغيرة وتنسوا الجذر الأكبر.