الجنوب اليمني | الأناضول
رفعت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، السبت، لافتة كبيرة على منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل، وكتبت عليها “نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي”.
هذه العبارة، كتبتها القسام على اللافتة باللغات الثلاث العربية والعبرية والإنجليزية، بينما حملت صورة للعلم الفلسطيني إلى جانب “قبضة يد”.
اختيار القسام لهذه العبارة “نحن اليوم التالي”، جاء بعد أيام من أنباء تداولتها هيئة البث العبرية حول قبول إسرائيل بمغادرة جميع أو بعض قادة “حماس” من قطاع غزة إلى دولة أخرى، في ضوء حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اقتراح لتهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن وأماكن أخرى من العالم.
**دلالة اللافتة
وعن دلالة هذه اللافتة، قال مدير مؤسسة فيميد الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون، إن “كل ما يصدر عن القسام يحمل رسائل سياسية وأمنية محسوبة، تعكس موازين القوى على الأرض”.
وأضاف خلال حديثه للأناضول: “عندما تقول القسام: نحن الطوفان.. ونحن اليوم التالي، فهي تقدم إجابة واضحة على سؤال طرحه الاحتلال وحلفاؤه منذ اليوم الأول للعدوان مفاده من سيكون في اليوم التالي في غزة؟”.
وأوضح أن رسالة القسام جاءت لتحسم قضية “اليوم التالي”، ولتجيب أنه سيكون لـ “حماس والمقاومة والقسام التي قادت المعركة وبقيت صامدة رغم كل محاولات استئصالها”.
وتابع: “هذا الإعلان يؤكد فشل المشروع الإسرائيلي الذي سعى لتغيير الواقع السياسي في غزة، ويكرّس حقيقة أن الاحتلال لم يحقق أهدافه”.
وعد أن استحضار مصطلح “الطوفان” مجددا في هذا التوقيت بالتزامن مع تنفيذ عمليات تبادل الأسرى فيه “انعكاس لمعادلة صراع جديدة تثبت فيها المقاومة أنها الأكثر تأثيرا في رسم المشهد السياسي والأمني”.
وعلى المستوى الدولي، يأتي هذا الإعلان من القسام “كرد مباشر على دعوات التهجير والتصريحات الأمريكية بما فيها موقف (الرئيس دونالد) ترامب التي سعت إلى إعادة هندسة مستقبل غزة سياسيا وديمغرافيا”.
وأشار إلى أن القسام توجه رسالة لهم قائلة أن “رجال الطوفان باقون في أرضهم، ولن يسمحوا بأي مشاريع تتجاوز إرادة شعبهم”.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد قالت الثلاثاء: “بعد افتتاح المحادثات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، اعترف مسؤولون إسرائيليون كبار بأنهم مستعدون لقبول استمرار بقاء حماس ولكن ليس في قطاع غزة”.
وأضافت أنه في ضوء اقتراح الرئيس الأميركي بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصر، فإن أحد المقترحات التي تُناقش بين إسرائيل والإدارة الأمريكية يتعلق بالنموذج التونسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، “وبمعنى آخر، طرد بعض أو كل كبار مسؤولي حماس من قطاع غزة”، وفق الهيئة.
وتابعت الهيئة العبرية: “في نظر القيادة الإسرائيلية قد يشكل هذا حلا لوقف القتال في إطار المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، دون إنكار قدرة حماس على الحكم في قطاع غزة”.
ولم توضح الهيئة إذا ما كان قد تم تقديم هذا العرض إلى “حماس” عبر الوسطاء، كما لم تحدد الدولة التي يمكن لقادة حماس أن يتوجهوا إليها، فيما لم يرد تعقيب فوري من حماس آنذاك.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني المنصرم يروج ترامب لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
تسليم الاسرى
وسلمت كتائب “عز الدين القسام”، الجناح المسلح لحركة “حماس”، 3 أسرى إسرائيليين من بينهم واحد يرتدي الزي العسكري للجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
جاء ذلك ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وعلى غير ما جرت عليه صفقات التبادل السابقة، بدأت مراسم تسليم الأسرى الإسرائيليين بعد بيان تلاه أحد عناصر القسام قال فيه، إنه يتم البدء “بتنفيذ مراسم الإفراج عن (3) أسرى إسرائيليين معتلقين لديهم في معركة طوفان الأقصى”.
ولأول مرة تصف القسام الأسرى الإسرائيليين لديها بـ”المعتقلين”.
وظهر الأسرى الثلاثة بأوضاع مختلفة، حيث ارتدى اثنان منهم وهما كبار في السن زيا موحدا (بني اللون) وضع على قميصه صورة للأسير مكتوب بالعبرية أسفلها “أسير لدى كتائب القسام”، بينما خرج الثالث وهو يرتدي الزي العسكري الإسرائيلي.
كما خرج الأسرى، وفق مراسل الأناضول، وهم نحاف الأجساد بخلاف الأسرى الإسرائيليين السابقين الذين خرجوا بصحة جيدة.
ووفق مراقبين، فإن الأسرى فقدوا الكثير من أوزانهم تأثرا بحالة الجوع التي عانى منها فلسطينيو قطاع غزة جراء الحصار المطبق الذي فرضه الجيش الإسرائيلي خلال أشهر الإبادة ومنع دخول المساعدات الغذائية.
وسبق عملية التسليم، توقيع طاقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي على محضر تسليم الأسرى جهزته كتائب “القسام”.
وأفاد مراسل الأناضول، بأن “الصليب الأحمر” غادر موقع التسليم في دير البلح بعد تسلمه الأسرى الإسرائيليين الثلاثة من “القسام”.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الأسرى الثلاثة أصبحوا لدى قواته وفي طريقهم إلى إسرائيل بعدما أعلن في وقت سابق عن استلام الصليب للأسرى وبدء إجراءات نقلهم للشاباك وقوات الدفاع داخل قطاع غزة.
وقال الجيش في بيان: “سيتم نقل الرهائن الثلاثة لتلقي العلاج الأولي”.
عملية تسليم الأسرى جرت وسط حضور مئات الفلسطينيين وفي ظل انتشار مكثف لعناصر “القسام” وهم يحملون أسلحة متنوعة من بينها رشاشات ثقيلة، وأسلحة من إنتاج وتطوير القسام وهي قناصة “الغول” وقذيفة الياسين 105 والتي كشفت عنهما في أوقات سابقة.
كما زُينت المنصة بصور العديد من قادة حماس الذي اغتالتهم إسرائيل خلال الحرب من بينهم القائد العام للقسام محمد الضيف ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري.
ولم تخل الساحة والمنصة من رموز وكلمات عبرية ذات دلالة كما في كل الدفعات الـ4 السابقة لتبادل الأسرى.
وكان من أبرز اللافتات التي وُضعت بعرض المنصة من جانبها السفلي صورة نتنياهو وهو يضع يده على خده داخل المثلث الأحمر المقلوب الذي ظهر طوال الحرب في فيديوهات حماس خلال استهداف الآليات الإسرائيلية وجواره دبابات ومدرعات إسرائيلية مدمرة فيما تتوسط اللافتة بالعبرية عبارة “النصر المطلق”.
وكثيرا ما تعهد نتنياهو وعدد من الوزراء المتطرفين في حكومته بتحقيق “النصر المطلق” على حماس في غزة.
ومع تسليم الدفعة الخامسة، يرتفع عدد الأسرى الإسرائيليين الذين سلمتهم القسام ضمن صفقة التبادل الحالية إلى 16.
وفي وقت سابق، بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية، في إطلاق سراح 183 أسيرا فلسطينيا ضمن الدفعة الخامسة للتبادل.
ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية، تعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم نحو 600 محكومون بالمؤبد.
وفي المرحلة الأولى من الاتفاق المكون من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، تنص البنود على الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل عدد من المعتقلين الفلسطينيين والعرب يُقدر بين 1700 و2000.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.