“من صنوف التعذيب التعليق لمدة 6 ساعات”.. معتقل أفرج عنه من سجن للانتقالي في عدن يروي كيف تمت تصفية صديقه!

8 يوليو 2024آخر تحديث :
“من صنوف التعذيب التعليق لمدة 6 ساعات”.. معتقل أفرج عنه من سجن للانتقالي في عدن يروي كيف تمت تصفية صديقه!

الجنوب اليمني:خاص

منذ دخلت الحرب في اليمن منعطفها الأكبر في مارس 2015، تضاءل هامش الحريات في مختلف مناطق سيطرة المجلس الانتقالي، وتمثّلت وسائل التضييق في القمع والاعتقال والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون السمة البارزة لجرائم مليشيا الانتقالي.

وبعد أن سيطرت مليشيا الانتقالي، على مدينة عدن في شهر أغسطس لـ2019، وبعد معارك عنيفة بين القوات المدعومة إماراتيا والموالية للحكومة اليمنية، انتهت بهزيمة الأخيرة بعد دخول المقاتلات الحربية الإماراتية على خط المواجهة، وشنها غارات على رتل عسكري حكومي ضخم شرقي عدن، كان في طريقه لحسم السيطرة على المدينة.

مع تبدل وجه مدينة عدن، بسيطرة مليشيا الانتقالي على المدينة، حزم صالح خالد أمتعته وانطلق باتجاه الشرق، إلى محافظة المهرة، كان يرى حينها أن المدينة التي اتخذتها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة لم تعد تقبل الجميع منذ أن سيطر المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات عليها، ولما رأى من جرائم تحدث في سجون الانتقالي وتحت إشراف ضباط إماراتيين.

ومنذ عام 2019، أحكمت قوات المجلس الانتقالي سيطرتها على عدن، وأحالتها إلى مناطق نفوذ للمسلحين حسبما يقول صالح خالد لموقع الجنوب اليمني، مشيرا إلى أن الاعتقال والتعذيب كان من نصيبه، وإن استمر في البقاء، فأن مصيره القتل كما قتل صديقة ناصر السعدي”.

ويضيف الشاب أنه “لا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع عن حادثة قتل أو اشتباكات مسلحة في المدينة، أو اعتقال، فقد تعذبت ومات صديقي ناصر ثابت السعدي، أمام عيني بطريقة وحشية”.

وتابع صالح؛ إنّه مع تبدُّل موازين القوى لصالح مليشيا الانتقالي على حساب الحكومة المعترف بها دوليًّا، صمّمت الإمارات شبكةَ سجون سرية اتخذتها مقرّات للتحقيقات والخطف والتعذيب، ما ‏ترتّب عليها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، حيث اضطلعت (أي الإمارات) بانتهاكات موثّقة.

زعم محاربة الإرهاب

أقامت الإمارات معسكراتها “السجون السرية” تحت مسمّى “محاربة الإرهاب، في مدينة عدن، حسب تقرير منظمة العفو الدولية، وعزّزت نفوذها في القطاع الأمني على أساس التهديدات الآنفة الذكر.

وفي السياق، تورطت دولة الإمارات في حالات اختفاء قسري واسعة النطاق والتعذيب وإساءة معاملة المحتجزين.

ووثّق فريق الخبراء المعنيّ باليمن، وكذلك العديد من المنظمات المحلية والأجنبية، مثل وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، حالات الاختفاء القسري، في سجون الانتقالي وبإشراف الإمارات.

أصوات من خلف الشمس

التقى موقع الجنوب اليمني مع صالح خالد، صديق السعدي، ورفيقة في السجن، حيث اعتقل عناصر للانتقالي وإماراتيّون “صالح” مع ناصر السعدي” من منزله في بداية شهر رمضان 2017، والذين وصفهم بأنهم قوة تابعة للمدعو” يسران المقطري”.

وفي حديثه لموقع الجنوب اليمني يقول صالح خالد،” كنا انا وناصر السعدي، في بيت أحد أصدقائي، لتقوم قوة لمليشيا الانتقالي، بمداهمة البيت، واعتقالنا جميعا، حيث حاول صديقي ناصر التفاهم معهم، ويوضح لهم أني ضيف في البيت، ولكن دون جدوى، لأن الأفراد يقومون بتناول الحبوب والحشيش، ليقتادونا إلى سجن “قاعة وضاح” الدموي في مدينة التواهي بمدينة عدن “.

يتذكر صالح خالد يوميات السجن كما لو أنها كوابيس، يقول: “كان يتم ضربي بشكل عنيف والتلفظ علي بأقبح العبارات”، مشيراً إلى أن وسائل التعذيب لا تقتصر فقط على الضرب والإهانة، بل يتم نقل السجين الذي يرفض الإقرار بالتهم الموجهة له، إلى ما تسمى “الضغّاطة”، وهي غرفة صغيرة مترXمتر.

ويعدد صالح أساليب التعذيب، قائلًا إنه كان يتم تعذيبه بالصعق الكهربائي والضرب المبرح وإبقائه لساعات في أماكن شديدة الحرارة بدون ملابس، ويشير إلى أن القائمين على السجن كانوا يرشون عليه الماء الساخن شديد الحرارة.

ويصف صالح خالد ما تعرض له ناصر السعدي (29) من أبناء محافظة أبين، قائلاً ” كان يعلق ناصر 6 ساعات يوميا منذ دخولنا سجن قاعة وضاح، واجبروه على الاستلقاء على ظهره بالأرض، ثم قيدوه، ووضعوا على وجهه قماشة مبللة ببترول، ليصعب عليه التنفس، ثم اعادوه إلى عندنا في الزنزانه، لتتدهور صحتة،حتى أنه كان يبول الدم من شدة التعذيب”.

ويضيف: “كانوا يأخذوني إلى سطح المبنى وأنا مقيد اليدين والرجلين، وكان أحدهم يقول للآخر ارمه إلى الأسفل وسنقول إنه انتحر. في تلك اللحظة كنت أشعر بخوف شديد وأنزلاني قليلاً قليلاً من طرف السطح وهم ممسكين بيدي، كنت أنظر إلى الأسفل وأشاهد الموت أمام عيني. مازال ذلك المنظر أمام عينيّ حتى هذه اللحظة”.

ويشرح صالح كيف تم قتل ناصر بدم بارد قائلاً “في يوم من الأيام حاولت التخاطب مع نائب المقطري ويدعى سامر الجندي، والسجان مروان الرداع البيضاني، لمعالجة ناصر المنهك من التعذيب، ووصوله إلى حالة لا يستطيع التحرك أو التنفس، وعندما سمع يسران المقطري، القى نظره على ناصر، لينصرف ويعطي أوامر لتصفية ناصر، عبر المجرم سامر الجندب، الذي ضرب رأس ناصر بطوبة “حجر” كبيرة، ليفارق الحياة صديقي، أمام عيني، ورمى بجثته للكلاب تنهشها وتمزقها خلف الزنازين، ونحن نشاهد هذا المشهد المروع الذي لا أستطيع النوم عندما اتذكره”.

خرج صالح من سجن الانتقالي، لكن كما يقول، تدهورت صحته ويعاني الآن من مشاكل صحية في القلب، بالإضافة إلى وضعه النفسي السيء، فهو يعاني من الخوف والفزع من النوم بشكل متواصل.

ووَفقًا للمنظمات الحقوقية، قامت مليشيات الانتقالي المدعومة من الإمارات بإخفاء مئات الأشخاص، وقامت بالاحتجاز التعسفي والتعذيب في مراكز الاحتجاز السري التي تبلغ عددها  15 سجناً قسرياً، وهي تابعة للإمارات ومتوزعة في كل مدينة عدن.

موقع الجنوب اليمني