الجنوب اليمني: وحدة التقارير
يشتكي آلاف المواطنين في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، من الجبايات التي تفرضها عناصر مليشيا الانتقالي على المسافرين والتجار في نقاط التفتيش، خصوصاً على مداخل مدينة عدن، جنوبي اليمن.
ويستغل عناصر مليشيا الانتقالي نقاط التفتيش للتكسب الشخصي أو المنظم؛ من خلال فرض رسوم غير محددة القيمة على سائقي الباصات والشاحنات، وحتى المسافرين في بعض الأحيان.
كما تفرض مليشيا الحزام الأمني، التابعة للانتقالي، رسوماً وجبايات على الشاحنات التجارية؛ تدر عليها مليارات الريالات، مستغلة لجوء التجار في جميع المناطق اليمنية إلى استيراد بضائعهم عبر ميناء عدن، بعد فرض التحالف السعودي الإماراتي حصاراً على ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة حكومة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء.
مسافرون وسائقو شاحنات وسيارات خاصة أكدوا لـ”الجنوب اليمني” أنهم اضطروا في العديد من المرات إلى الاستجابة لابتزاز عناصر مليشيا الانتقالي؛ للسماح لهم بمواصلة السفر.
جبايات عشوائية
ويؤكد “بلال الشرعبي 36 عاماً”، وهو سائق شاحنة من أبناء تعز، أنه قام خلال السنوات الماضية بمئات الرحلات التجارية من عدن، لم تمر واحدة منها دون دفع مبالغ لمليشيا الانتقالي في معظم نقاط التفتيش في الطريق المؤدية إلى تعز.
ورجّح الشرعبي في حديثه لـ”الجنوب اليمني” أن الجبايات التي دفعها لوحده لمليشيا الانتقالي تتجاوز مليون ريال، مشيراً إلى أن المبالغ ترتفع بحسب حجم الشاحنة، و”بحسب مزاج العناصر المناوبين في النقطة”، حد تعبيره.
وأشار إلى أن هذه المشاكل التي تواجه سائقي الشاحنات تحدث في جميع المحافظات اليمنية بمختلف سلطاتها، إلا أنها أكثر سوءاً في مناطق سيطرة مليشيا الانتقالي.
أما “إبراهيم الشعيبي”، سائق سيارة لنقل المسافرين بين المحافظات، فقال إنه يشتري كمية كبيرة من القات (بدرجة رديئة أو متوسطة) لتوزيعه على عناصر النقاط خلال المرور عبرها، مؤكداً أنه بذلك يتجاوز أغلب نقاط مليشيا الانتقالي دون تفتيش.
وقال الشعيبي لمراسل “الجنوب اليمني”، الذي كان مسافراً معه إلى عدن، إنه يواجه صعوبات في بعض النقاط بسبب مزاجية قادتها أو العناصر المناوبة، التي تحاول ابتزاز السائقين مالياً للسماح له بالمرور.
وسأل أحد المسافرين أحد عنصراً تابعاً لمليشيا الانتقالي في نقطة تفتيش على مدخل عدن، عن سبب أخذ هذه المبالغ فأجاب غاضباً: “إحنا جينا هنا نطلب الله”.
“الحفاظ على لقمة العيش”
يضيف الشعيبي لـ”الجنوب اليمني” أنه يضطر أحياناً “لمساومة مليشيا الانتقالي على المبلغ الذي يطلبونه حفاظاً على لقمة العيش”.
وأيده في ذلك الشرعبي الذي قال إن هناك نقاطاً محددة تأخذ الأموال بسند رسمي، في حين تُدفع الأموال للنقاط الأخرى خوفاً من احتجازهم أو عرقلتهم.
واتفق الشعيبي والشرعبي على أن هناك أفراداً وضباطاً يتعاملون بمرونة مع السائقين، لكن الشعيبي يعتبر أن معظم هذه الحالات تكون وفق توجيهات من المسؤولين الأعلى رتبةً، وليست نابعة من حس المسؤولية.
ورفض الشرعبي تحديد نقاط تفتيش بعينها خوفاً على مصالحه، في حين قال الشعيبي إن جميع النقاط على مداخل عدن تعمل على “نهب المواطنين وليس حمايتهم”، وفق تعبيره.
تعامل عنصري
تؤكد تقارير حقوقية وصحفية أن مليشيا الانتقالي، وبإيعاز من داعميها، تتعامل بعنصرية ومناطقية واضحة ضد أبناء المحافظات الشمالية، وتطالبهم بدفع مبالغ أعلى من غيرهم، ضمن خططها الرامية لتهجيرهم من المحافظات الجنوبية.
وقال تاجر من سكان صنعاء، إنه يواجه معاملة عنصرية ومناطقية من قبل مليشيا الانتقالي، تصل أحياناً إلى عرقلة عبور الشاحنات التي تنقل بضائعه من ميناء عدن إلى صنعاء.
وأضاف التاجر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه تمت عرقلة مرور بضائعه عدة مرات رغم استيفاء الوثائق المطلوبة، وتم السماح بمرورها بعد دفع مبالغ باهظة.
من جانبه، أشار الشرعبي إلى أنه في إحدى المرات تم احتجازه وشاحنته في أحد سجون مليشيا الانتقالي بعدن بعد أن رفض ابتزازهم بدفع مبالغ عالية، وتم إخراجه بعد عدة أيام.
وخلال السنوات الماضية نفذ سائقو الشاحنات في عدن إضرابات عديدة عن العمل للمطالبة بإيقاف الجبايات والابتزاز الذي تمارسه مليشيا الانتقالي بحقهم.
يُشار إلى أن نقاط الجبايات تنتشر في معظم المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الانتقالي، في حين تم رفعها من بعض المحافظات تحت الضغط الشعبي والقبلي المسلح، كما حدث في أبين في نوفمبر الماضي.