تقرير : تدهور الأوضاع الاقتصادية في ساحل حضرموت تحت سيطرة الانتقالي وتصاعد الاتهامات المتبادلة

6 أكتوبر 2024آخر تحديث :
تقرير : تدهور الأوضاع الاقتصادية في ساحل حضرموت تحت سيطرة الانتقالي وتصاعد الاتهامات المتبادلة

الجنوب اليمني: خاص

تشهد محافظة حضرموت، وتحديداً المناطق الساحلية منها الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم من القوات الإماراتية، تدهوراً اقتصادياً حاداً، مما أثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين. تفاقمت الأزمة مع استمرار انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية، في ظل تدني مستويات الرواتب والأجور وتدهور الخدمات العامة، مما جعل الوضع المعيشي للسكان أكثر صعوبة.

تفاقم الوضع الاقتصادي
يشعر سكان ساحل حضرموت بالضغط المتزايد جراء الارتفاع الكبير في الأسعار، حيث وصل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، مما جعل القدرة الشرائية للمواطن تتقلص بشكل ملحوظ. يعاني المواطنون من عدم قدرتهم على توفير الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم، ويعجزون عن تغطية تكاليف المعيشة التي ترتفع يومياً، وسط نقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، التي باتت معدومة في كثير من الأحيان.

أحد المواطنين في مدينة المكلا، عاصمة حضرموت الساحلية، قال: “أصبحنا نعيش يوماً بيوم، لا نستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في اليوم التالي. الأسعار ترتفع باستمرار، والريال اليمني ينهار أمام الدولار، ولا توجد أي جهود واضحة لتحسين الوضع”.

صراع الاتهامات بين الأطراف السياسية
على خلفية الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، تتبادل الأطراف السياسية الاتهامات بالمسؤولية عن تأزيم الأوضاع في ساحل حضرموت. الناشطون المعارضون للمجلس الانتقالي الجنوبي يتهمون الأخير بالتسبب في تدهور الأوضاع بسبب سياساته الأمنية والاقتصادية، حيث يعتبرون أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحظى بدعم الإمارات يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن الفساد الإداري وسوء إدارة الموارد العامة، مما أدى إلى انهيار البنية التحتية الاقتصادية في المنطقة.

أحد الناشطين صرّح قائلاً: “المجلس الانتقالي ليس مهتماً بحياة المواطن. هم يركزون فقط على تثبيت نفوذهم السياسي والعسكري، دون النظر إلى تبعات ذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي”.

في المقابل، يرى الناشطون الموالون للمجلس الانتقالي الجنوبي أن المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية في حضرموت تقع على عاتق مسؤولين في الحكومة الشرعية، الذين يتهمونهم بالعمل لصالح حزب الإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين، متهمين هؤلاء المسؤولين بإفشال محاولات الانتقالي لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتعمد عرقلة أي مبادرات تنموية في المنطقة.

أحد الناشطين الموالين للمجلس الانتقالي قال: “الحكومة هي السبب الحقيقي وراء ما نعيشه اليوم من أزمات. هناك مسؤولون داخل الحكومة موالون لحزب الاصلاح جماعة الحوثي يعرقلون أي محاولة لتحسين الاوضاع، ويستفيدون من تدهور الوضع الاقتصادي لتحقيق مصالحهم الخاصة”.

انعكاسات الانهيار الاقتصادي على المواطن
في ظل هذا الصراع السياسي والاتهامات المتبادلة، يزداد المواطن اليمني في حضرموت فقراً وبؤساً. يعاني السكان من تراجع قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، مما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة بشكل كبير. يعيش معظمهم تحت خط الفقر، ولا يجدون سبيلاً لتغطية احتياجاتهم اليومية.

أحد العاملين في القطاع الصحي بالمكلا قال: “لقد بات من الصعب علينا تقديم الخدمات الطبية للمواطنين. نحن نعاني من نقص في الأدوية والمعدات الطبية، كما أن الكهرباء تنقطع لساعات طويلة، مما يؤثر على أدائنا. المواطن يعاني في جميع القطاعات، ولا يوجد تحرك حقيقي لإنقاذ الوضع”.

الأوضاع الخدمية المتردية
بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، تعاني حضرموت الساحلية من انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية. انقطاع الكهرباء أصبح جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين، حيث تصل ساعات الانقطاع إلى ما يزيد عن 12 ساعة يومياً، كما أن المياه الصالحة للشرب أصبحت نادرة، وتضطر العائلات إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة.

وفي قطاع الصحة، تعاني المستشفيات والمراكز الطبية من نقص حاد في الإمدادات والأدوية، مما جعل المواطنين يتوجهون إلى السوق السوداء للحصول على العلاج بأسعار باهظة. كما أن القطاع التعليمي لم يسلم من هذا الانهيار، حيث تعاني المدارس من نقص في المواد التعليمية وتأخر في صرف رواتب المعلمين.

تدهور العملة الوطنية وزيادة الأسعار
تشير التقارير الاقتصادية إلى أن الريال اليمني واصل انهياره أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى. حيث تجاوز سعر الدولار الواحد أكثر من 1500 ريال يمني، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والمواد الأساسية.

الأسعار في الأسواق شهدت ارتفاعاً كبيراً في المواد الغذائية مثل الدقيق والأرز والزيوت، في حين ارتفعت أسعار المشتقات النفطية كالوقود والغاز، مما انعكس سلباً على أسعار النقل والمواصلات. هذا الوضع أدى إلى موجة من الاحتجاجات في مناطق متفرقة من حضرموت، حيث يطالب المواطنون بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

مستقبل مظلم دون حلول جذرية
في ظل هذه الأوضاع، يظل المواطن الحضرمي يعيش بين مطرقة تدهور الاقتصاد وسندان الصراع السياسي المستمر بين الأطراف المختلفة. ورغم الاتهامات المتبادلة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية، فإن الواقع يشير إلى أن الشعب هو من يدفع ثمن هذه النزاعات، ويعيش في ظل وضع اقتصادي ومعيشي كارثي لا يبدو أن هناك حلولاً جذرية له في الأفق القريب.

ويبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن أحد الأطراف من تقديم حلول عملية لتخفيف معاناة الشعب، أم ستستمر الأزمات في التفاقم حتى تصل إلى نقطة لا عودة؟