الجنوب اليمني: وحدة الرصد/ خاص
في يوم المعلم العالمي، يبرز الواقع المرير الذي يعيشه المعلمون في عدن والجنوب اليمني، بعيدًا عن الاحتفالات الرمزية، حيث تتحول الرسالة الإنسانية إلى كابوس يومي من التهميش والحرمان. لا يُحتفل بدورهم، بل يُستهان بمعاناتهم اليومية، رغم أنهم يُعدون العمود الفقري للتعليم والمستقبل في ظل انعدام الاستقرار والانهيار المالي والخدمي.
وأشار ناشطون إلى تفاقم الأزمة التي يعيشها المعلم، إذ تُسجّل حالات تأخر في صرف الرواتب لعدة أشهر، على الرغم من أن الراتب نفسه يُعدّ زهيدًا جدًا مقارنة بالجهد المبذول. ويشمل هذا الجهد المراقبة اليومية للفصول، والتعامل مع تلاميذ يعانون من ضغوط نفسية واجتماعية، وتقديم الدروس دون وسائل تعليمية كافية، وتصحيح الواجبات في ظل نقص في المعدات والبيئة المدرسية.
وأوضح المعلمون أن إدارتهم تسعى لتقويض كرامتهم عبر تحويل رواتبهم إلى “بند هبات ومنح”، مما يُقلّل من مكانتهم الرسمية ويجعلهم عرضة للتحيّز والتجاهل. كما تُعرقل مطالبهم العادلة بعلاوات وتسويات وضمانات مهنية منذ سنوات، بينما يُحتجز ملفها في أدراج النسيان.
وفي المدارس، لا تُوجد بيئة تعليمية مناسبة، إذ تعاني كثير من الفصول من انقطاع الكهرباء، وانعدام المياه النظيفة، ونقص في الكراسي واللوازم الأساسية. يدرس المعلمون في غرف مكتظة، تحت حرارة جائحة، دون تهوية أو تكييف، ما يُقوض قدرتهم على التركيز ويُثبّط نشاطهم التعليمي.
وأضاف الناشط خليل محمد مزارق أن مستوى التلاميذ يشهد تدهورًا ملحوظًا، ناتجًا عن ظروف اجتماعية واقتصادية عميقة، يُعدّ من أبرز أسباب التراجع في الأداء التعليمي، مؤكدًا أن هذه القضية تستحق منشورًا خاصًا يُحلّلها بعمق.
بينما شدّد الناشط نبيل علوان على أن المعلم اليمني لم يعد يُحتفى به في يومه العالمي، بل يُجسّد صمودًا لا يُقدّر بثمن، يواصل عمله رغم الجوع والحرمان، مؤمنًا بأن التعليم هو السبيل الوحيد لإنقاذ الوطن من التدهور. ودعا المسؤولين إلى تحرير الرواتب وضمان استقرارها، مؤكدًا أن المعلّم لا يطلب أكثر من حقوقه الأساسية.
وفي موقف مثير للجدل، أفاد الناشط عبد الخالق مرحب بأن معلمي اليمن، وبشكل خاص في عدن والجنوب، “مُفصولون من يوم المعلم”، مشيرًا إلى أنهم لم يُدعوا إلى الاحتفال به، وأنه لا يُمثلهم، وطالب من يُحتفل بهم أن يُراعوا هذا الموقف، معتبرًا أن الاحتفال بهذا اليوم لا ينطبق عليهم، لكونهم لم يُستشاروا ولا يُعترف بمشاركتهم فيه.
وأكد الجميع أن المعلم لا يُقدّر بحظوظه اليومية، بل يُبنى عليه جيل كامل، ويُعدّ أول شريحة تتحمل وطأة الحرب والانهيار، فيما يبقى صامتًا، مُتمسّكًا برسالته، رغم كل ما يُفرض عليه من معاناة.