سقطرى على مفترق طرق… استهداف الهوية المحلية وتحويل الأرخبيل إلى ساحة صراع خارجية

28 سبتمبر 2025آخر تحديث :
سقطرى على مفترق طرق… استهداف الهوية المحلية وتحويل الأرخبيل إلى ساحة صراع خارجية

الجنوب اليمني: خاص

تتجه جزيرة سقطرى، التي كانت عبر العصور نموذجًا للسلام والتعايش، نحو مصير مجهول بعد سيطرة ميليشيات مدعومة من خارج اليمن على مفاصلها الأمنية والسياسية. وسط تصاعد التوترات، خرج آلاف من منتسبي اللواء الأول مشاه بحري، الذين يشكلون القوة العسكرية الوحيدة على الجزيرة، في احتجاجات حادة ضد لجنة تابعة للانتقالي المدعوم إماراتيًا، تهدف إلى هيكلة القوات وتشتيت قواها.

وقال مصدر عسكري مطلع لـ”الجنوب اليمني” إن الجنود، الذين يبلغ عددهم 80% منهم من أبناء سقطرى، تعرّضوا لتجاهل ممنهج بعد قطع رواتبهم لأشهر، ما أثار استنكارًا واسعًا بين صفوفهم. ووصف أحد المشاركين في الاحتجاجات الوضع بالضياع، موضحًا أن “الجندي الذي يحرس سواحل الجزيرة لا يجد ما يكفيه من مأكل ولا مشرب، في حين يُختزل وجوده في ورقة مالية لم تُسلم له”.

وأكد المصدر أن اللجنة التي أرسلها الانتقالي من عدن لا تسعى إلى تطوير القوة العسكرية، بل إلى تغيير تركيبتها على أسس طائفية وقبلية، من خلال تعيين مجندين موالين للإمارات، ما يُحدث انقلابًا في الطبيعة المحلية للواء، الذي كان يُعدّ حماية حقيقية للجزيرة، لا سلطة مسلحة تحت إمرة أجندة خارجية.

وأوضح أن الهدف من هذه الهيكلة لم يعد أمنيًا بحتًا، بل يمتد إلى تقويض أي صوت حر أو نقد من داخل المؤسسة العسكرية، مضيفًا: “ما يُجرَى اليوم ليس تطويرًا، بل تطويقًا للقوى المحلية، وتمكين ميليشيات تابعة لدولة أجنبية من السيطرة على مصادر القرار”.

وفي سياق متصل، أفادت مصادر صحية محلية بتفاقم الوضع الصحي في الجزيرة، حيث انتشرت أمراض مزمنة بشكل غير مسبوق، نتيجة لغياب مؤسسات الدولة، وتوقف الخدمات الأساسية، ما جعل سقطرى تفقد مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات البيئية والثقافية في العالم.

وأشارت مصادر إلى أن التدخلات الخارجية، التي تُمارَس عبر أدوات مثل الانتقالي، تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي في الجزيرة، لا سيما عبر إحداث انقسامات بين أبناء العشائر، واستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة لتقديم “المساعدة” مقابل الولاء، مما يُمهد لفرض سيطرة غير شرعية.

وأكدت مصادر محلية أن الجزيرة، التي وصفتها منظمات دولية بـ”الجوهرة اليمنية المضيئة”، تُعدّ من أبرز الأماكن المحمية في العالم، لكنها اليوم تشهد تحولًا جذريًا، حيث لم يعد يُسمح لها بالحفاظ على سلامها، بل تُستخدم كممر لفرض نفوذ خارجي.

وفي موقف يعكس التوتر المتصاعد، حذّر مسؤول عسكري ميداني من أن “السلاح لن يُستخدم ضد الشعب، لكنه لن يُسمح بارتفاعه عاليًا، إذا ما استمرت هذه السياسات المُضرة بالمكان والبشر”. ولفت إلى أن “الجندي السقطري، رغم فقره، لا يزال يحمل في جعبته الكرامة، وينتظر راتبه بصدق، لا بيتاً من عوامل التفاوض”.

وأكدت مصادر أمنية أن 500 فرد من أفراد اللواء الأول مشاه بحري، لا يزالون في حالة احتجاج متواصل، مطالبين بتسليم رواتبهم المتأخرة منذ أربعة أشهر، واصفين ذلك بالـ”جريمة الإنسانية والمالية” التي تُرتكب بحقهم. وتساءلت: “كيف يُمكن أن يُقال لرجل إن راتبه “سقط”؟ من يتحمل مسؤولية هذا السقوط؟”.

وأكدت المصادر أن أي تسوية للوضع لن تكون ممكنة إلا بعودة المؤسسة العسكرية إلى أصلها، مع منح الجنود حقوقهم كاملة، ووقف التدخلات الخارجية، وإشراك السقطريين الحقيقيين في صنع القرار. أما المطالبة بالرحيل عن الجزيرة، فقد وصفت بـ”الخيانة”، مشيرة إلى أن “الجزيرة ستقاوم، لا بسلاح، بل بعزة شعبها، وصمود أبنائه، ورفضهم للاستعمار الجديد”.

في المقابل، لا تزال الجهات المعنية تتجاهل هذه التحذيرات، ما يُزيد من مخاوف من تحول سقطرى من جزيرة سلمية إلى بؤرة استقطاب وصراع مسلّح، تُستغل مواردها الطبيعية، وتُحول شعبها إلى مجرد وقود في صراعات لا تخدم مصالحه.

 

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق