الجنوب اليمني:
كشف عدد من رجال الأعمال والتجار، من مورّدي البضائع والمواد الغذائية ومواد البناء عبر ميناء عدن إلى المحافظات الشمالية والجنوبية، عن ممارسات غير قانونية تقوم بها نقطة جمركية مستحدثة منذ أكثر من شهر في مبنى محافظة الضالع بمنطقة سناح، تعرقل مرور الشاحنات لأيام وتفرض جبايات مالية باهظة تحت مسمى “دعم صندوق تنمية محافظة الضالع”.
وبحسب إفادات التجار، بدأت الجبايات على كل شاحنة بمبلغ 250 ألف ريال، قبل أن ترتفع خلال الأيام الماضية إلى 400 ألف ريال للشاحنة الواحدة، دون أي توريد رسمي إلى البنك المركزي. وأوضحوا أن المئات من القواطر تمر يوميًا عبر النقطة، ما يرفع إجمالي الجبايات اليومية إلى أكثر من 50 مليون ريال تُجمع بطريقة غير قانونية، ويشرف عليها كل من قائد الحزام الأمني، ومدير أمن الضالع أحمد قايد القبة، ومحافظ المحافظة اللواء علي مقبل، ورئيس المجلس الانتقالي في الضالع العميد عبدالله مهدي سعيد.
ورغم تبرير السلطة المحلية بأن تلك الأموال تُخصّص لـ”دعم التعليم والمعلمين”، أكّد معلمون في الضالع أن هذه الادعاءات غير صحيحة إطلاقًا، وأنه لم يصلهم ريال واحد من تلك المبالغ، مشيرين إلى أن الدعم المُعلن لا يتجاوز 50 ألف ريال للمعلم ولم يُصرف بانتظام، وهو مبلغ “لا يغطي حتى قيمة كيس دقيق”، بحسب تعبيرهم.
ووفقًا لمصدر في مكتب التربية والتعليم بالمحافظة لـ”الجنوب اليمني”، فإن عدد المعلمين والإداريين المداومين فعليًا لا يتجاوز 4200 فقط، ما يعني أن الدخل اليومي للنقطة، والذي يصل إلى 50 مليون ريال، كفيل بتغطية رواتب جميع موظفي المحافظة المدنيين والعسكريين شهريًا، إلا أن تلك الأموال تُودَع في حسابات خاصة بمسؤولين محليين، في تجاوز واضح للقوانين المالية والإدارية.
وأكد التجار أن الهدف من فتح الطريق الرابط بين عدن – لحج – الضالع – صنعاء لم يكن إنسانيًا كما رُوّج له، بل تجاريًا لخدمة مصالح ضيقة وجبايات وفساد مالي، موضحين أن بعضهم بدأ بتحويل مسار شاحناته إلى طريق يافع – البيضاء هربًا من تعسفات نقطة سناح التابعة للحزام الأمني أمام مبنى المحافظة.
وفي السياق، وجّهت الغرفة التجارية والصناعية بعدن، الأربعاء الماضي، مذكرة رسمية إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور سالم بن بريك، حذّرت فيها من استحداث نقطة جمركية غير قانونية في سناح بالضالع، تقوم بإيقاف الشاحنات المحمّلة بالمواد الغذائية ومواد البناء والسلع المختلفة المتجهة نحو المحافظات الشمالية، وفرض رسوم غير رسمية عليها.
وأوضحت الغرفة في مذكرتها – حصل “الجنوب اليمني” على صورة منها – أنها تلقت شكاوى متعددة من رجال أعمال ومستوردين أكدوا أن هذه النقطة تمارس أعمال جباية مخالفة للقانون عبر مراجعة بيانات البضائع المستوردة من ميناء عدن وفتح سجلات لها بغرض تحصيل رسوم غير قانونية تحت مسمى “دعم صندوق تنمية محافظة الضالع”.
وأكدت الغرفة التجارية أن مثل هذه الإجراءات تمثل ازدواجًا في الجبايات وتضر بشكل مباشر بنشاط ميناء عدن وإيراداته الجمركية والضريبية، خصوصًا وأن الميناء يعاني من تحديات كبيرة بعد فترة توقف دامت أكثر من ثلاث سنوات.
وحذّرت الغرفة من أن استمرار هذه الممارسات سيؤدي إلى شلّ حركة التجارة ويقوّض ثقة المستثمرين، مطالبة الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بالتدخل العاجل لوقف هذه التجاوزات، وتوحيد النظام الجمركي، وتسهيل حركة الشاحنات التجارية، حفاظًا على مكانة ميناء عدن كميناء رئيسي وحيوي في المنطقة.
وفي ختام تصريحاتهم، عبّر التجار والمعلمون عن استيائهم العميق من الفساد المستشري تحت شعارات زائفة، متسائلين:
“أين تذهب كل تلك الملايين؟ ولماذا لا تُورّد إلى البنك المركزي؟ هل بات الفساد يُعالج بفساد أكبر منه؟”
وأضافوا: “المعلم في الضالع لم يعد ينتظر دعمًا، بل ينتظر إنصافًا وعدلًا ووقفًا حقيقيًا لهذا العبث.”