الجنوب اليمني:اخبار
تتكشف أمام السلطات الأميركية شبكة تهريب عابرة للقارات، تجمع في مساراتها بين يمنيين وإسرائيليين لعبوا دوراً محورياً في تحويل القات إلى سلعة دولية، تمرّ عبر مطارات إسرائيل وموانئها قبل أن تستقر في الأسواق الأميركية. هذا ما يرصده تحقيق العربي الجديد عبر وثائق وشهادات تكشف للمرة الأولى حجم التشابك بين الطرفين داخل واحدة من أكثر عمليات التهريب تعقيداً واتساعاً.
وفق التحقيق، شكلت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة محطة وسيطة مركزية في مسار تهريب القات، مستفيدة من وجود جالية يمنية قديمة داخلها، ومن سماح السلطات الإسرائيلية بتداول القات الطازج محلياً. هذا الواقع أوجد بيئة ملائمة لولادة شبكات تعتمد على مسافرين إسرائيليين—غالبهم من أصول يمنية—لإدخال القات عبر المطارات الأميركية، سواء عبر حمله مباشرة أو عبر التسهيل غير المشروع داخل المنافذ.
وتكشف بيانات حصل عليها التحقيق أن شحنات عدة جرى تمريرها داخل بضائع شركات تجارية كبيرة لتجنب التفتيش، في حين ضبطت السلطات اليونانية في أغسطس/آب 2025 نحو 500 كيلوغرام من القات داخل حاويات خرجت من إسرائيل وكانت متجهة إلى الولايات المتحدة، ما يعزز المؤشرات حول توسع الدور الإسرائيلي في هذا المسار.
في المقابل، يمتد الدور اليمني من مناطق الإنتاج الأولى في اليمن وإثيوبيا إلى عمليات التجفيف والتغليف المموّه تحت مسميات مثل “شاي” و“ملوخية”، ثم إعادة التصدير عبر الهند وشرق أفريقيا ودول أوروبية قبل وصولها إلى الولايات المتحدة، حيث يسهم الطلب المرتفع داخل الجالية اليمنية في إبقاء السوق نشطة ومربحة.
وتوضح وثائق الإدارة الأميركية لمكافحة المخدرات DEA أن القات مصنف مادة مخدرة من الدرجة الأولى، ما يجعل تهريبه جريمة فدرالية قد تصل عقوبتها إلى 20 عاماً، الأمر الذي يدفع الشبكات إلى تطوير أساليبها وخلق شراكات عابرة للحدود، أبرزها التعاون بين يمنيين وإسرائيليين ضمن ما يشبه تقاسم الأدوار:
اليمنيون يوفرون المصدر والمسارات الأولية… والإسرائيليون يوفرون الممرات الآمنة نحو أميركا.
ويخلص التحقيق إلى أن هذا التشابك أسهم في بقاء تجارة القات العابرة للقارات أكثر مرونة وقدرة على التكيف، رغم الإجراءات الأمنية الأميركية المتزايدة.