شبوة بين عهدين.. تنمية أجهضت أم مشروع استقلال لم يكتمل؟

7 نوفمبر 2025آخر تحديث :
شبوة بين عهدين.. تنمية أجهضت أم مشروع استقلال لم يكتمل؟

الجنوب اليمني: خاص

خلال أقل من عقد، تحوّلت محافظة شبوة إلى مرآة تعكس تعقيدات المشهد اليمني بأبعاده السياسية والاقتصادية والإقليمية. فما بين عهد وصف بالذهبي في زمن المحافظ السابق محمد صالح بن عديو، ومرحلة يغلب عليها الطابع الأمني والنفوذ الخارجي بعد إقالته، تبرز قصة محافظة حاولت أن تبني مؤسساتها بقدراتها المحلية، لكنها وجدت نفسها لاحقاً في قلب لعبة النفوذ الإقليمي.

من حلم التنمية إلى سطوة الأمن

حين تولى بن عديو قيادة المحافظة، كانت شبوة أشبه بحد فاصل بين جبهات الصراع. لكن الرجل، القادم من خلفية سياسية وإدارية، استطاع تحويل هذا الواقع إلى حافزٍ لإعادة الإعمار والتنمية، فشهدت المحافظة تنفيذ عشرات المشاريع في الطرق والكهرباء والمياه، إلى جانب إطلاق ميناء قنا النفطي الذي مثّل حينها مشروعاً سيادياً أعاد للمحافظة بوصلتها الاقتصادية ومكانتها الجيوسياسية.
تلك المرحلة، التي لاقت صدىً واسعاً في الشارع الشبواني، كانت بالنسبة لكثيرين أول تجربة ملموسة لسلطةٍ محليةٍ تحاول الإمساك بزمام قرارها بعيداً عن الهيمنة الخارجية.

إقالة مفاجئة ومنعطف حاد

لكن هذا المسار توقف فجأة في ديسمبر 2021، حين صدر قرارٌ بإقالة بن عديو، في خطوةٍ فُهمت على نطاقٍ واسع بأنها استجابة لضغوطٍ إقليمية، خصوصاً من الإمارات، التي لم تُخف اعتراضها على توجهاته الاستقلالية.
منذ ذلك التاريخ، دخلت شبوة مرحلة جديدة تتقدم فيها الأجندة الأمنية على المشاريع التنموية، وتراجع فيها القرار المحلي لصالح ترتيباتٍ مدعومةٍ من الخارج. ومع أن الهدوء الأمني النسبي ظل حاضراً، إلا أن المواطنين يرون أن (الأمن بلا تنمية) ليس سوى استقرار مؤقت يفتقر إلى قاعدة اجتماعية واقتصادية حقيقية.

بين إرث تنموي ونفوذ متنام

اليوم، تنقسم المحافظة بين ذاكرةٍ تنمويةٍ لا تزال حاضرة في وجدان الناس، وواقع جديد تسوده مراكز نفوذٍ متعددة. المشاريع التي كانت يوما رمزاً للاعتماد على الذات، باتت مجمّدة أو تدار من خارج المحافظة، فيما يزداد حضور القوى الإقليمية في ملفات الأمن والاقتصاد.
ويرى مراقبون أن تجربة بن عديو  بما لها وما عليها تمثل نموذجاً دالاً على ما يمكن أن تحققه الإدارة المحلية حين تمتلك إرادتها المستقلة، كما تكشف في المقابل كيف يمكن أن تتراجع التنمية حين تختزل الدولة في أذرع أمنية وتدار قراراتها من خلف الحدود.
في المحصلة، لا تبدو شبوة اليوم كما كانت قبل أعوام قليلة. فالمحافظة التي كانت تقدم كقصة نجاح محلية تحولت إلى ساحةٍ لاختبار النفوذ الإقليمي، لتبقى معركتها الحقيقية  كما يقول أحد أبنائها  ليست في الأمن أو السياسة، بل في استعادة قرارها التنموي المستقل.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق