الجنوب اليمني: خاص
في تصريحٍ هو الأجرأ منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، فجّر رئيس مجلس النواب سلطان البركاني مفاجأة من العيار الثقيل، معلنًا أن مجلس النواب لن يتمكن من الانعقاد في ظل ما وصفه بـ “تحكم عيدروس الزبيدي بالقرار السياسي والإداري في البلاد”، في إشارةٍ صريحة إلى تآكل صلاحيات رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، وانقسام مراكز القرار داخل الدولة.
البركاني، في رسالة داخلية سرّبت إلى وسائل إعلام محلية بتاريخ 30 أكتوبر 2025، كشف أن هيئة رئاسة البرلمان “طرقت كل الأبواب” لعقد جلسات المجلس دون جدوى، مؤكدًا أن الواقع السياسي الحالي يجعل من المستحيل انعقاد البرلمان لا في عدن ولا في المحافظات الشمالية، لافتًا إلى أن “القرار لم يعد بيد الشرعية بل بيد قوى تفرض أمرًا واقعًا بدعم خارجي”.
وأضاف البركاني أن رئاسة المجلس لا تملك سوى ثلاثة ملايين ريال فقط في حسابها، واصفًا الوعود المقدمة من القيادة الرئاسية لتسهيل عمل البرلمان بأنها “مجرد مواعيد عرقوب”، في تلميحٍ إلى غياب الإرادة الحقيقية لإحياء المؤسسة التشريعية.
الصراع داخل مجلس القيادة اليمنية يتجاوز الخلافات الداخلية ليكشف عن صراع النفوذ الإقليمي بين السعودية والإمارات للسيطرة على مفاصل القرار اليمني بما يخدم مصالحهما الاستراتيجية بأقل تكلفة ممكنة، مع تجاهل كامل لاحتياجات المواطن.
الإمارات تركز على فرض نفوذها في الجنوب عبر دعم التشكيلات المسلحة وفرض واقع سياسي يضمن مصالحها الاقتصادية والعسكرية، بينما تبقى الشراكة الوطنية وتفعيل المؤسسات الرسمية مجرد شعارات.
السعودية تحاول الحفاظ على حضور رمزي ضمن مجلس القيادة، لكنها تواجه صعوبة في فرض قرارات مؤسسية حقيقية بسبب سيطرة أطراف محلية قوية تدعمها الإمارات على مفاصل الدولة.
نتيجة هذا الصراع، أصبح البرلمان اليمني مشلولًا، حيث صارت انعقاد جلساته مرتبطًا بموازين القوى الإقليمية أكثر من إرادة الشعب أو الشرعية الدستورية، ما أدى إلى غياب أي إجراءات فعلية تخدم المواطن سواء في التشريعات أو الخدمات أو الرقابة على الحكومة.
ويؤكد المراقبون أن استمرار هذا الواقع يعكس مأزقًا مزدوجًا للدولة: فقدان السيطرة على القرار السياسي، وتزايد الاعتماد على الولاءات الإقليمية بدل المؤسسات الوطنية، ما يزيد من معاناة المواطنين ويقوّض أي جهود لإعادة بناء الدولة بشكل متوازن.

